الأشرف زمان الشيخ محمّد حسن النجفي صاحب الجواهر ، وقد شهد عصره وما بعده وجود كبار الفقهاء وفطاحل العلماء الأصوليّين أمثال الشيخ مرتضى الأنصاري (ت١٢٨١هـ) وكتابه الفريد فرائد الأصول والذي كان قد وصل إلى الزعامة الدينية بعهد من الشيخ صاحب الجواهر نفسه.
وقد جاء في بعض المصادر ما معناه أنّ الحركة العلمية التي قادها رائد الفكر والتحقيق المحقّق البهبهاني خلّفت وراءها أجيالاً من العلماء الفطاحل وتراثاً علميّاً ضخماً في مجالي الفقه والأصول ، وإنّ ثلّة من تلامذته ألَّفوا موسوعات فقهية وأصولية دحضوا بها حجج الأخباريّين ومهّدوا الطريق لظهور حركة علمية جديدة تتمتّع بالاستضاءة من التراث العلمي الذي خلّفه المحقّق البهبهاني وتلامذته مع إبداع أسلوب جديد في الأصول والفقه ، ورائد هذه الحركة الجديدة هو الشيخ المدقّق مرتضى بن محمّد أمين المعروف بالأنصاري الذي انتُخب مرجعاً للشيعة بعهد وإيصاء من الشيخ محمّد حسن النجفي صاحب الجواهر حين لبَّى نداء ربّه عام (١٢٦٦هـ)(١).
وقد نتج عن ذلك نشوء مدرسة أصولية متكاملة الصفوف ومستكملة المراحل ومستجمعة الملامح في أدلّتها وحججها العقلية كما الشرعية ، متناولة بدقّة متناهية بالتهذيب والتنقيح أمّهات مباحث الاستنباط الأصولية ، كمباحث القطع والظنّ والشكّ وبحوث البراءة والاشتغال وأيضاً مسائل التعادل والتراجيح.
ولئن عُدَّ كتاب الحدائق أكبر مصنّف فقهي استنباطي على المذاق الأخباري
__________________
(١) موسوعة طبقات الفقهاء ، المقدّمة ، القسم الثاني : ٤٣١.