إذا كان صادراً من الأدنى إلى الأعلى كان بمعنى الدعاء.
ويعدُّ الدعاء أفضل سلاح يتوسّل به إلى الحقّ تبارك وتعالى للحصول على حاجاته منه ، فهو حصن يتحصّن به العبد من مكاره الدنيا وعقوباتها ، قال الله تعالى : (قُلْ ما يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلاَ دُعاؤكُم) (١). ومعنى هذه الآية المباركة : «أيُّ عبء يعبأ بكم لولا دعاؤكم ، يعني أنّكم لا تستأهلون شيئاً من العبء بكم لولا عبادتكم ، وحقيقة قولهم ما عبأت به : ما اعتددت به من فوادح همومي وممّا يكون عبئاً علىّ ، كما تقول : ما اكترثت له»(٢).
وقد جعل الله تبارك وتعالى الدعاء العبادة كلّها ، إذ يقول : (وقَالَ رَبُّكمُ ادْعُوني أَستَجِب لَكمْ إِنَّ الَّذِينَ يَستَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتي سيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِيْنَ) (٣) ، إذ يروى عن الإمام الصادق عليهالسلام في تفسير هذه الآية المباركة أنّه قال : «الدعاء هو العبادة التي قال الله عزّ وجلّ : (إنّ الَّذِيْنَ يَسْتَكْبِرُوْنَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُوْنَ جَهَنَّمَ دَاخِرِيْنَ) ادعُ الله عزّ وجلّ ولا تقل إنّ الله قد فرغ منه»(٤).
ولأهمّية الدعاء في مدرسة أهل البيت عليهمالسلام ارتأى الباحث أن يكون ميدان دراسته نصّاً مباركاً لإمام مكرَّم أفنى عمره في عبادة الحقّ جلّ وعزّ ، حتّى لُقِّب
__________________
(١) سورة الفرقان ، من الآية ٧٧.
(٢) الكشاف ٤ / ٤٨٩.
(٣) سورة فاطر ، الآية ٦٠.
(٤) نور الثقلين ٤ / ٨٦.