يطلبها من الحقّ جلّ وعلا. ويقوِّي هذا المعنى ما ذكره العلاّمة الطباطبائي في الميزان في معرض تفسيره قوله تعالى : (وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْل) (١) ، فيرى العلاّمة أنّ مجيء النكرة في سياق النفي دالٌّ على العموم ، قال : «المراد نفي مطلق الفضل من متاع دنيوي يختصّون بالتنعّم به أو شيء من الأمور الغيبيّة كعلم الغيب أو التأيّد بقوّة ملكوتية ، وذلك لكون النكرة ـ فضل ـ واقعة في سياق النفي فتفيد العموم»(٢).
٤ ـ قال الإمام السجّاد عليهالسلام طالباً العون والمدد من الله تعالى لتقوية صفوف المجاهدين : «وامددهم بملائكة من عندك مردفين حتّى يكشفوهم إلى منقطع التراب قتلاً في أرضك وأسراً ، أو يقرّوا بأنّك أنت الله الذي لا إله إلاّ أنت وحدك لا شريك لك».
إذ وردت (ملائكة) نكرة في هذا المقطع من الدعاء ، والذي يراه الباحث في دلالة هذه النكرة الكثرة ، فهو عليهالسلام يسأل الله تعالى أن يُنزِلَ ملائكة كثيرين يعينوهم في جهادهم وقتالهم ، حتّى تتمَّ مهمّة المجاهدين بأن يُبعدوا أعداء الله من أرض المسلمين ، أو أن يخضعَ هؤلاء المعتدون إلى حوزة الإسلام ويؤمنوا بالله تعالى الواحد الأحد ، وهذا الإمداد الإلهي بالملائكة هو من متطلّبات النصر الغيبية التي يسند بها الباري عزّ وجلّ عباده المخلصين ، في مواقف الرهبة والشدّة ، وقد ورد مثله في مواطن للقتال ، ذكرها التعبير القرآني كقوله تعالى : (اِذْ
__________________
(١) سورة هود ، من الآية ٢٨.
(٢) الميزان في تفسير القرآن ١٠ / ١٠٦.