المعروف بابن الراوندي ـ التي أوردها على النظّام حيث أجّجت نار البحث بشكل أكثر ، حيث كان ابن الراوندي يعدّ من المعتزلة في حينها إلاّ أنّه ألّف كتاباً فيما بعد في فضح المعتزلة بعد إعراضه عنهم وسمّاه فضيحة المعتزلة ، حيث تناول في كتابه هذا انتقادات كثيرة على كلّ معتقدات المعتزلة(١) ، وبالرغم من أنّ أصل الكتاب لم يصل إلينا ، إلاّ أنّ ردّ أبي الحسين عبد الرحيم بن محمّد بن عثمان الخيّاط المعتزلي في كتابه الذي هو بعنوان الانتصار والردّ على ابن الراوندي الملحد قد نقل لنا فصولاً كثيرةً من كلام ابن الراوندي اللاذع ، ولكن في فصل اعتقادات النظّام القرآنية قد لخّص ابن الراوندي الحديث في هذا الموضوع بشكل كبير ، وفي جواب ابن الراوندي الذي انتقد فيه رأي النظّام في خصوص نظرية (الصرفة) قد أكّد على معتقدات النظّام بالأخبار الغيبية القرآنية فقط(٢).
هذا وإن سائر آثار ابن الراوندي مثل كتاب التاج ، كتاب الدامغ ، كتاب الزمرّد ، وكتاب الفريد كانت بأسرها ـ نوعاً ما ـ في ردّ القرآن ، النبوّة ، إعجاز القرآن ، معجزات الأنبياء وأمثالها ؛ حيث أدّى ذلك إلى شحذ همم علماء الإسلام في القرن الثالث الهجري بالسعي الحثيث لتبيين الجوانب المختلفة لإعجاز القرآن(٣).
__________________
(١) طبقات المعتزلة : ٩٢.
(٢) انظر : الانتصار والردّ على ابن الراوندي الملحد : ٢٧ ـ ٢٨.
(٣) للبحث الدقيق في مصنّفات ابن الراوندي المتعدّدة وتقرير محتواها انظر :
Van Ess, ٤/٢٩٥ ـ ٣٤٩ ، ولمراجعة آراء سائر العلماء من بعده في شأنه انظر : تاريخ ابن الراوندي الملحد.