٣٢٨ هـ).
إنّ معظم المصنّفات الآنفة الذكر قد تمّ تصنيفها في مركز العواصم العلمية والثقافية للعالم الإسلامي أي : العراق وبلاد الشام ، وأمّا في سائر البلدان الإسلامية مثل خراسان وما وراء النهر إلى المغرب والأندلس فإنّ حركة التصنيف في موضوع إعجاز القرآن ونظمه وإن جاءت متأخّرة بعض الشيء إلاّ أنّنا نرى العديد من هذه المصنّفات في هذا المجال ، فقد نسب أبو القاسم الباخرزي (ت ٤٦٧ هـ) إلى أبي عبد الله محمّد بن الهضيم (ت ٤٠٩ هـ) ـ من كرّاميّي خراسان ـ كتاباً في باب (إعجاز القرآن) ويقول أنّه كان قد رآه(١) ، وهذا الأمر يبيّن لنا أنّ موضوع (إعجاز القرآن) قد وصل في القرن الرابع الهجري إلى مدرسة نيشابور التفسيرية وإلى ما وراء النهر كذلك ، وإنّ أمثال أبي رشيد النيشابوري (ت ٤١٥ هـ) صاحب كتاب زيادات الشرح ، الذي يعدّ من تلامذة القاضي عبد الجبّار ربّما كان لهم سهم في انتقال هذا الأمر ، وإنّ الاهتمام بهذا الأمر قد ظهر بوضوح أيضاً في المصنّفات التفسيرية لهذه المنطقة ، مثل الثعلبي (ت ٤٢٨ هـ) والواحدي النيشابوري (ت ٤٦٨ هـ) في تفسيرهما لآيات سورة البقرة (٢٣) والإسراء (٨٨) ، إلاّ أنّه لم نعثر على إشارة لهذا الأمر في التفاسير الأكثر قدماً مثل تفسير الماتريدي (ت ٣٣٣ هـ) وتفسير أبي الليث السمرقندي (ت ٣٧٧ هـ). وأمّا في المدرسة التفسيرية في المغرب فإنّ أدبّيات إعجاز القرآن وصلت إلى هناك مع شيء من التأخير أيضاً ؛
__________________
(١) «وقد تأمّلت كتابه في إعجاز القرآن فإذا عبارات فصيحة ، وإشارات صحيحة» (باخرزي ، دمية القصر وعصرة أهل العصر ٢/٨٨٩).