فإنّ أبا الوليد عبد الله بن محمّد بن يوسف بن نصر الأزدي المعروف بابن الفرضي (ت ٤٠٣ هـ) على الرغم من أنّه ذكر في كتابه تاريخ علماء الأندلس أسامي الكثير من علماء التفسير والقراءة والحديث والعلوم القرآنية في المغرب الإسلامي إلاّ أنّه لم يتكلّم عن أيّ كتاب في باب (إعجاز أو نظم القرآن). وأمّا تفسير بقي بن مخلّد (ت ٢٧٦ هـ) الذي عدّه ابن حزم أوسع من تفسير الطبري فإنّه لم يصلنا شيء منه ، كذلك في أقدم تفاسير هذه المنطقة مثل تفسير ابن أبي زمنين (ت ٣٩٩ هـ) فإنّه لم يأتِ بشيء في موضوع (إعجاز القرآن) ، وحتّى فيما يتعلّق بتفسير آيات التحدّي فإنّنا لم نعثر على أيّ إشارة إلى هذا البحث ومع كلّ ذلك فإنّ مكّي بن أبي طالب بن محمّد بن المختار القيسي القيرواني (ت ٤٣٧ هـ) كان قد ألّف كتابين في هذا المجال هما بيان إعجاز القرآن وكتاب انتخاب كتاب الجرجاني في نظم القرآن(١).
إنّ القرن الرابع الهجري هو الحقبة التي ظهر فيها ارتباط وثيق بين التنظير الكلامي في باب إعجاز القرآن وبين تفسير القرآن ، ففي أواخر هذا القرن قد طرح التساؤل عن إعجاز القرآن في كتب العلماء والمفسّرين ـ غالباً المعتزلة ـ بكونه أمراً تفسيريّاً وموضوعاً من موضوعات علوم القرآن ، وإنّ بعض مفسّري المعتزلة ومفسّري التفاسير الأدبية المطّلعين على المباحث الكلامية للمعتزلة قد اهتمّوا بموضوع التنظير في وجه إعجاز القرآن وذلك في تفسيرهم على الآية (٨٨) من
__________________
(١) إنباه الرواة ٣ / ٧١٦ ـ ٣١٧.