سورة الإسراء ، وقد نقل القاضي عبد الجبّار في تثبيت دلائل النبوّة(١) أنّ أبا علي الجبّائي (٢٣٥ ـ ٣٠٣ هـ) قد تطرّق في تفسيره إلى ردّ بعض تصريحات ابن الراوندي(٢). وهو يقول أنّ أبا القاسم البلخي (٢٧٣ ـ ٣١٩ هـ) أيضاً قد تطرّق إلى ردّ انتقادات ابن الراوندي على الجاحظ(٣). إنّ البلخي والجبّائي كليهما من أهمّ متكلّمي ومفسّري المعتزلة في القرن الثالث وأوائل القرن الرابع الهجري ، وللأسف فإنّه لم يتبقّ من مصنّفاتهم التفسيرية سوى ما وصل منها إلينا من خلال أقوالهم المنقولة في مصنّفات المتأخّرين(٤).
هذا ومن خلال كلام القاضي عبد الجبّار يتبيّن لنا أنّ موضوع (الصرفة) و (إعجاز ونظم القرآن) في نهاية القرن الثالث وبداية القرن الرابع الهجري يعتبر من أهمّ الموضوعات الكلامية التي أخذت طريقها إلى التفاسير القرآنية ، فقد توفّرت الأرضية الخصبة لدخول بحوث إعجاز القرآن إلى كتب تفاسير معتزلة القرن الرابع بشكل واسع جدّاً ، فأبو القاسم البلخي (ت ٣١٩ هـ) ، أبو هاشم الجبّائي (ت ٣٢١ هـ) ، ابن الإخشيد (ت ٣٢٦ هـ) ، الرمّاني (ت ٣٨٦ هـ) والخطّابي
__________________
(١) تثبيت دلائل النبوّة ٢ / ٥٢٩.
(٢) لاحظ المغني في أبواب التوحيد والعدل ١٦/١٥١ و٣٩٠ حيث يقول القاضي عبد الجبّار هناك أنّ أبا علي الجبّائي قد ردّ على ابن الراوندي في دعاويه على القرآن.
(٣) تثبيت دلائل النبوّة ١/٦٣ ، ٢/٥٤٨ ، ذكر هذا أبو القاسم البلخي في النقض على ابن الراوندي اعتراضه على أبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ ، في كتابه (نظم القرآن وسلامته من الزيادة والنقصان).
(٤) للحصول على بعض آرائهم في باب إعجاز القرآن انظر : الشريف المرتضى ، الذخيرة في علم الكلام : ٤٠٠ ـ ٤٠١.