قرب دارنا ، ومعروفاً في ديارنا ، فمشيتُ بنفسي مع قرآني إليه ، فسألني عن اسمي واسم والدي ، فأجبته بالاسمين ، وقد حضر عنده رجلٌ من أصدقائه في البين ، فعند ذلك أنا ابن سبع سنين.
فقال للرجل : واعجباً من هذا الطفل! بنفسه حضر عندي من غير أن يجي به أحدٌ ، والأطفال لا يحضرون عند المعلّم إلاّ بالعنف والضرب ، ومع ذلك في الأغلب يفرّون ولا يستقرّون.
ثمّ رحّب بي للتشويق والتحريك ، ومجّدني بالتحسين والتبريك ، فشرعت في قراءة القرآن برهة من الزمان والكتابة في الأحيان.
وبالجملة ، لمّا بلغت السنة العاشرة من عمري كنت فارغاً من قراءة القرآن بالتجويد ، وأغلب الكتب الفارسية من غير حاجة إلى التدريس والتأييد ، وتعلّمت كتابة الحساب بالسياق في الدفاتر والأوراق قد نال والدي على مقصوده ، ورام الإقدام إلى إجراء مقصد معهوده ، فاستجاز المعلّم دخولي في حوائجه ، فأجابه بأنّ اللازم عليك أن لا تضيّع له الاستعداد وأن تسلكه سبيل الرشاد ، وأن تصرف همّك في أن يشتغل بتعلّم(١) العلوم ، فإنّ له ذهناً سليماً وذوقاً مستقيماً ، إن بقي سليماً يكون رجلاً متبحّراً عليماً ، وإن لم تأكله الذئاب يصير شاغلاً للمنبر والمحراب.
فلمّا استمع والدي مواعظه وإرشاده إلى أن يودعني عند معلّم يعلّمني العلوم العربية والأدبية عَدَلَ عن مرامه ، واعتقد أنّني أصير موجباً لمغفرة آثامه ورفعة مقامه ، فأودعني إلى مكتب كان فيه معلّم يعلّم الأطفال : شرح الأمثلة
__________________
(١) في المخطوط : (بتعليم).