معتكف في المسجد ، مجدّاً في التحصيل من غير ملل ، مع السأم من التعطيل.
وكنت أقوم من فراشي قبل الفجر ، حين مناجاة المؤذّنين ، وفتح بيبان(١) المسجد لدخول المؤمنين لعبادة الله تعالى ربّ العالمين ، فإذا فرغتُ من وظائفي التي اتّخذتها عادة معتقداً إيجابها السعادة وصلّيت صلاة الفجر خالياً عن التعقيبات المعتادة أسدّ باب الحجرة وأمشي إلى المدرسة المحمّدية المحاذية للمسجد ، وأدقّ الباب ، فيأتيني الخادم ويفكّه لعلمه بالأُمور والآداب.
وفي المدرسة جماعة من الطلاّب يترقّبون حضوري للمباحثة والمذاكرة في كتب فرغنا من قراءتها لمزيد البصارة ، وظهور مطالبها في أذهاننا كالنار على المنارة ، ويستمرّ ذلك إلى طلوع الشمس وبسط شعاعها ، ويشاهد ارتفاعها ، فنقوم جميعاً لحضور مجلس الدرس والتعلّم من غير فتور أو كسل وتألّم ، بل راغباً شائقاً مجدّاً أن لا نرى علينا في الفضل فائقاً.
والمدرّس المولى الفاضل الكامل ، ملاّ إسماعيل القرباغي(٢) المشهور بالفضائل ، المدرّس في طرفي النهار في الكتب والرسائل ، نقرأ عنده معالم الأُصول وشرح اللمعة ونستفيد من كلماته بعض ما في القوانين(٣) والفصول(٤) ،
__________________
(١) في حاشية المخطوط : (أبواب) عن نسخة.
(٢) المتوفّى بالنجف سنة ١٣٢٧ هجرية ، وقد وصفه بعض المترجمين له بـ : (العالم الربّاني وصاحب الكرامات). انظر : الذريعة ٦ / ١٦٤ ، تنقيح الأُصول (تقرير أبحاث المحقّق آقا ضياء الدين العراقي) : ١٥.
(٣) قوانين الأصول للميرزا أبي القاسم القمّي المتوفّى سنة (١٢٣١ هجرية) صاحب كتاب غنائم الأيّام.
(٤) الفصول الغروية في الأصول الفقهية للشيخ محمّد حسين بن عبد الرحيم الطهراني الحائري.