السيّد صادق الطباطبائي ـ طاب ثراهم ـ وكان يدرّس مكاسب الشيخ المرتضى الأنصاري ـ عليه رحمة الباري ـ ورسائله المسمّى بـ : الفرائد ، وأنا حينئذ ابن أربع وعشرين سنة.
فالتمست والدي أن يرخّصني ويرسلني إلى العتبات لفراغي عن الحاجة إلى السطوح وحاجتي إلى درس الخارج المعروف باللزوم والصلوح ، فحمد الله تعالى وأجاب سؤلي ودعوتي وبشّرني بعزمه على أن يزور بيت الله تعالى بمصاحبتي ويبقيني في العتبات بعد مراجعتي ، وأمرني بتهيئة أسباب السفر ، فاشتغل بذلك مع معاونتي.
فخرجنا من (طهران) سنة تسعة وثمانين بعد الألف ومائتين ، ووصلنا (كربلاء) في أواخر شعبان ، وبقينا شهر الصيام فيها صائماً ، وكنتُ أحضر في درس الشيخ الجليل الذي لم يكن في الجلالة في ذلك البلد له الثاني ، أعني به الشيخ زين العابدين المازندراني(١) مرجع تقليد أهل الهند ومازندران ، وهو قطعة كبيرة من مملكة إيران ، حفّت بالأمن والأمان.
ثمّ تشرّفنا بزيارة مولى الموالي أمير المؤمنين ـ عليه صلوات الله العليّ العظيم والسلام والتسليم ـ ثمّ رجعنا إلى (الكاظمين) و (بغداد) للمسافرة إلى بيت الله الحرام ، من طريق (البصرة) من بحر عمان ، فلمّا ارتحلنا عنه إلى (البصرة) ووصلناها ونزلنا في محلّ يقال له : (مقام علي) زعماً منّا بقاء السفينة التي ركبها
__________________
(١) من تلامذة صاحب الجواهر وتوفّي سنة ١٣٠٩ ، أُنظر : الذريعة ١٢ / ٥ و٩٢ ، ج ١٥ / ٥٦ ، وتراجم الرجال للسيّد أحمد الحسيني ١ / ٢٢٧.