الحاجّ إلى الصباح وننزل فيها للروّاح ، فلمّا أصبحنا رأينا السفينة مرتحلة وإلى (بوشهر) واصلة ، ثمّ ركبنا سفينة أُخرى ليوصلنا إليها أين ما أمكن ، وكان مقصدها (الهند) و (لندن) فحملنا صاحبها متعهّداً بالإيصال ، لكنّه لم يقدر على ذلك إلى أن وصل إلى مسقط ، ورأى أنّ السفينة الحاملة للحاج ماشية ، فأخبرنا بأنّ طريقه مخالف لمسيرها ، ولا يمكنه السير إليها ، وخيّرنا بين ردّنا إلى (البصرة) وردّ ما أخذ منّا للأُجرة أو النزول في مسقط وردّه إلينا المأخوذ للإيصال ، والحاجّ المجتمع معنا يقرب سبعين نفراً.
فاختار جمعٌ(١) يقرب ثلاثين الردّ إلى (البصرة) بقلب مقروح بالحسرة ، وبقي معنا جماعة زعموا إمكان وصولهم لإدراك الحجّ بسفينة ماشية إلى (عدن) ، فركبناها ونزلنا في (عدن) وكان فيه سفينة معدّة للمرور على (جدّة) فركبناها راجين من الله الوصول إلى المقصود والمأمول ، فلمّا وصلنا إلى مكان من البحر يُرى فيه السفن على ساحل البحر من (جدّة) توحّلت السفينة ، فأصبحنا وقلوبنا محترقة حزينة لعلمنا بخيبة الآمال وكون إدراك الحجّ من المحال.
فبقينا بالسفينة المتوحّلة وانقطع على صاحب السفينة الرجاء ، وضاقت عليه الحيلة ، وانكسرت السفينة بحيث دخل فيها الماء ، فاستعان بأهل السفن الموجودين في الساحل بالعلامات والوسائل ، فجاءتنا السفن الصغار وحملتنا إلى (جدّة) ووصلنا إليها يوم فراغ الحاجّ عن الأعمال والأذكار ، وبقينا في (جدّة) إلى بعد العاشور.
__________________
(١) في النسخة : (جمعاً).