وعاشرتُ الشريف عون أخ شريف مكّة الشريف عبد الله الذي كان رئيس الشرفاء في مكّة ، وهو خادم البيت بنيابة السلطان عبد العزيز ملك الروم(١) ، وكانت تلك العِشرة بسماعهم فضلي ، وتعجّبهم من الأنس بعلمائهم وأفاضلهم ومدحهم إيّاي ، مع أنّي شاب غريب ، وفي مدّة قليلة حصل لي(٢) الاشتهار بلا ما يكون إليه وسيلة.
ولمّا دخلت المدينة متنكّراً بلباس المعيدي ذهبتُ إلى خالد پاشا الحاكم على أهل المدينة من طرف السلطان ، وعرّفته نفسي بقصيدة مدحته فيها ـ وأنا لابس لباس أهل المدينة وبمحضر من العلماء والأشراف الواردين على خالد پاشا ليذهبوا مجتمعين إلى المسجد لإقامة الجمعة بالجماعة ـ قرأت القصيدة بعد الاستجازة.
وأجابني متعجّباً متبسّماً بالإجازة ، فلمّا ختمتُ القصيدة بالبيت الأخير للإشارة إلى الممدوح في القصيدة بقولي :
فإن تسألوا عن اسمه يا أحبّتي |
|
ففي جنّة الفردوس بالوصل خالد |
زاده العجب وزعم للصلة منّي الطلب ، فأمر خادمه بإعطاء الصلة من غير تعيين للقليلة أو الكثيرة ، فجاء الخادم وأعطاني ليرة ، فأخذتها متشكّراً ، لكنّني بقيت بزعمي منكراً ، فقلتُ له : أفنديم(٣) ، أنا لم أقل القصيدة لأجل الصلة ، بل لأن
__________________
(١) أرض الحجاز تحت السيطرة العثمانية آنذاك.
(٢) في المخطوط : (في).
(٣) كلمة تركية.