حصل له إلاّ اليسير بما يكفيه للمسير ، فبقيت بلا مصروف وأنا غريب غير معروف ، وما كان من لوازم السفر من المشتركات المحتاجة كالقدور والمواعين والسماور وغير ذلك أخذها والدي لرفع الحاجات في سفره ، وبقيت بفرشي المختصّ بي وفراش ليس لي غيرهما على التحقيق حتّى المزّادة(١) والإبريق. فقال لي والدي : بمجرّد ورودي في طهران أرسل لك ما تشتري به الأسباب والمصروف بغير مهلة وتوان ، وأعطاني ليرة ممّا اقترض للمسير والرواح مع حاجتهِ إلى أكثر منها في الأمثال والأشباح ، فاغتنمتُ ذلك ، وودّعني وفارقني بأسوأ الحالات والمسالك.
فاشتريت من تلك الليرة بعض الحوائج ، كالسّراج والحصير لبيت اكتريتها منزلاً والسماور وآلات الطبخ للمرق والطبيخ والقليان إلى غير ذلك ، فلم يبق لي منها إلاّ شيئاً قليلاً لا يمكن لي أن أعيش به زماناً قصيراً فضلاً من طويل ، ولم يكن لي يومئذ في تلك الناحية من يعرفني ويصدّقني إلاّ شخصَين من طلاّب طهران ، أحدهما : مثلي مجرّد ، وليس له رزق معلوم ، ثانيهما : له معاش مرسوم ، يصل إليه كلّ شهر أربعين مجيدي يقرب خمسة وعشرين تومان يعيش به مع أهله وأولاده ، وقد قاولته قبل مسافرة والدي بأن يقرضني ما يكفيني إلى وصول أبي طهران ويبعث لي ما أصرفه في معاشي.
فقال : هذا المرسوم مصرفه في كلّ شهر معلوم ، ليس لي ما أعطيك قرضاً ، ولو أتعب نفسي بالاقتار وأنقص ممّا يلزمني بمقدار أرجو أن أتمكّن بإعطاء كلّ
__________________
(١) يمكن أن يراد بها الأواني.