شهر مجيديّين مطابق بحساب العجم اثنا عشر قراناً ، فحمدت الله تعالى على ما رزقني من حيث لا احتسب ولم يحرمني ما اشتاق إليه أن اكتسب. فقلت له : حبّاً وكرامةً. ثلاث قرانات منها كروة البيت ، وتسعة منها لكيت كيت ، والله تعالى (يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَاب) (١) و (لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرَاً).
فأصبحتُ بعد المفارقة من الوالد وإعداد العدّة بقدر الحاجة طالباً لنيل المقصود بإصرار وسماجة ، فجعلت أباحث السطوح المقرّوة في طهران والمتروكة في مدّة المسافرة إلى الأطراف والنواحي إلى ذلك الزمان ، وهو سنة واحد وتسعين بعد الألف ومائتين سرّاً ، وأحضر بعض الدروس المركّب من الداخل والخارج ، وبعض المذاكرات الخارجية جهراً ؛ امتحاناً لقوّتي في تحمّل المطالب وامتحان المدرّس في مناسبة ذوقي بماله من المشارب ، وأنا مع ذلك مجدّ في كتابة ما أستفيده من كلماتهم ومقالاتهم من غير تفنيد لتعليماتهم وخيالاتهم.
وتشرّفت بمحضر أستاذنا الأعظم الأجلّ الأفخم حين ورودي (النجف الأشرف) كان قاطناً فيه معروفاً بالجامعية وكونه الفقيه النبيه ، لكنّه سافر بعد ورودي بثلاثة أشهر في أوّل رجب إلى (كربلا) للزيارة المخصوصة الرجبية.
ثمّ سافر منها إلى (الكاظمين) ثمّ منها إلى (سامرّاء) وبقي فيها مدّة سنتين مردّداً في الرجوع والبقاء ، وبعد سنتين اختار البقاء ، وأخبر أصحابه ببقائه ، فارتحلوا إليه بأجمعهم حتّى أُستاذنا الجليل نخبة الأفاضل المولى محمّد كاظم
__________________
(١) سورة البقرة : ٢١٢.