الخراساني طاب ثراه(١) ، وكان من أشهر أفاضل أصحابه ، وكان يومئذ له حوزة مفصّلة للتدريس ، فلم يرتض الأُستاذ بقاءه في (سامرّاء) وأمره بالرّجوع إلى (النجف الأشرف) فرجع ، وكنت مخالطاً معه ليلاً ونهاراً بغير طمع.
ومضى عليّ عشرون شهراً لم يصل من طرف والدي إليّ مكتوب ولا خبر ، ولم يرسل إليّ ديناراً ، ولم يظهر منه أثر ، لكن أخبرني بعض الزوّار من أهل طهران أنّه بعد وروده طهران رأى وعلم بأنّ زوجته(٢) ماتت ، حيث سمعت بأنّنا ميّتون في مكّة والأموال المودعة عند المعتمدين عند والدي كلّها انعدمت ، فلم يبق إلاّ البيت وبعض الأثاث.
والحاصل أنّه تقطّعت عنه الأسباب وانسدّ عليه كلّ الأبواب ، فلم يقدر على أن يبعث إليّ شيئاً وأنا أعيش بالمجيديّين المقترضهما ، شاكراً لله تعالى وعنه راض.
وبعد مضي عشرين شهراً بعث إليّ عشرين توماناً ، سلّمت لذلك الصديق المواسي لي في الضيق ، وكنت مع ذلك معرضاً عن الحضور عند السيّد السند السيّد علي بحر العلوم الذي يصل إليه جراية الهند ويقسّمه على طلّابه بالمشاهرة ، وعلى سائر الطّلبة سنوية.
بل أحضر عند الشيخ الجليل النبيل الفقيه النبيه بلا بديل الحاج ميرزا حسين بن الحاج ميرزا خليل ، الطّهراني مولداً ، والنجفي موطناً ومسكناً طابت تربته ، وعند
__________________
(١) صاحب كفاية الأصول المتوفّى سنة ١٣٢٩ هجرية.
(٢) قد تقدّم أنّها زوجة أبيه ، في المخطوط : (فاتت) مأخوذة من (فوت) الفارسية بمعنى ماتت.