من نَفَسي هواها ، والهواء مع سكوتي يتكلّم بفحواها.
وبعد شهر الصيام وشروع الدرس حضرت المجلس أيّاماً ، وتكلّمتُ معه في البحث وفي نقد كلامه متجاسراً لا متحاقراً ، فأجابني متواضعاً لا متنكّراً ومتخاشناً.
فلمّا مضى عَلَيّ أيّام عرّفته نفسي لفظاً على ما اقتضاه المقام ، فقدّمت إليه غزلاً استدعي الإذن بالذهاب مع أسفي على عدم العكوف بذلك الباب ، لعلمي بحبّه للشعر وإشعاراً بأنّ طبعي ليس جامداً ، وإنّي أديب لي في الشعر نصيب ، فدعاني وسألني عن أحوالي ومالي من أهلي وعيالي ، فحكيت له ما جرى عليّ ، وبما من العزم والتّصميم لديّ ، فقال : أتحبّ أن تجيئ عندي وتكون معنا؟
فقلت : هذا غاية آمالي إن جاءني أمرك العالي ، فوجّهني إلى النجف لأجيء عندك مع أهلي وعيالي ، فأعطاني خرجية لرجوعي إلى النجف وأبشّر أهلي بتوجّه الإقبال عليّ بهذا الشرف ، فرجعت إلى ما رمت مترصّداً حصول ما قال رحمه الله تعالى.
وقلت : وبينما أنا بالانتظار لتصل من (سامرّاء) إليّ الأخبار من الناحية المقدّسة إذ جاء الجناب المستطاب الفاضل الكامل(١) الشيخ عبد النبي المازندراني من طلاّب سامرّاء الذي ـ بعد الرجوع من سامرّاء إلى طهران ـ كان من أحد العلماء المعروفين ، وكان فيها إليّ أن مات رحمة الله عليه.
فلمّا لاقاني قال لي : أمرني حضرة الميرزا أنّه كتب في أمري إلى وكيله في
__________________
(١) في المخطوط بعدها كلمة غير واضحة.