متين ، وبالتلقّي بالقبول قمين ...»(١).
النموذج الثاني : في دواعي وضع الاصطلاح ، يقول : «إنّ من أنكر ـ في علم الأصول ـ حجّية خبر الواحد ، وقصّر العمل بالمتواتر ، أو المحفوف بالقرائن القطعية ، في فسحة من مراجعة الرجال ، إلاّ في مقام الترجيح ، وأمّا القائلون بحجّية الخبر الواحد ، وهم الأكثرون ، فمن قال منهم بحجّيته من باب بناء العقلاء والوثوق والاطمينان العقلائي ، كما هو الحقّ المنصور ، جوّز العمل بما يوثق به من الصحيح والموثّق والحسن والضعيف المنجبر بالشهرة ، ومنع من العمل بالخبر الشاذّ المتروك المعرض عنه بين الأصحاب ، وبالخبر المعارض بمثله ، إلاّ مع وجود المرجّح.
وأمّا القائلون بحجّيته من باب التعبّد ، فمنهم من اقتصر على العمل بالصحيح الأعلى ولم يعتبر غيره ، نظراً منه إلى كون ما لا يعتبر فيه التثبّت ويجوز العمل به هو خبر العدل ، وإلى أنّ التعديل من باب الشهادة فيعتبر فيه التعدّد. ومنهم من زاد على ذلك الصحيح المعدّل بعدل واحد ، نظراً إلى أصالة عدم اعتبار التعدّد فيه ، وفيه نظر ظاهر ، ضرورة أنّ هذه الأصالة إنّما كانت تنفع أن لو كان هناك عموم مثبت لاعتبار الشهادة على الإطلاق ولو من واحد ، وأنّى للخصم بذلك! وغاية ما ثبت حجّية البيّنة ، وهي عبارة عن شهادة عدلين ، ولا تشمل شهادة الواحد ، فتبقى شهادة الواحد تحت أصالة عدم حجّية من غير معارض ، فالأقوى بناء على اعتبار خبر الواحد من باب
__________________
(١) مقباس الهداية ١ / ٣٦٠ ـ ٣٦١.