التعبّد هو قصر الحجّية على الصحيح الأعلى ، كما عليه سيّد المدارك قدسسره)»(١).
ثمّ يستدرك المصنّف ، وبعد أن يدرك لاحقاً عدم صواب مبناه ، فيقول : «هذا ما اخترته في سالف الزمان وهو اشتباه ، ضرورة عدم كون اعتبار التوثيقات من باب الشهادة حتّى يعتبر فيها التعدّد ، لفقدها لأغلب أوصاف الشهادة ، كما نقّحنا ذلك في فوائد مقدّمة التنقيح [تنقيح المقال] ، فما عليه صاحب المدارك ومن وافقه خطأ جزماً»(٢).
أقول : تلك شهادة عظمى على عظمة فقهائنا العظام وتقواهم وانقيادهم للدليل ، واعترافهم بالقصور إن وقع منهم ذلك.
النموذج الثالث : في الحديث المشترك : «وهو ما كان أحد رجاله أو أكثرها مشتركاً بين الثقة وغيره ، وأمثلة ذلك كثيرة ، ولابد من التمييز ، لتوقّف معرفة حال السند عليه.
والتمييز : تارة بقرائن الزمان ، وأخرى بالراوي ، وثالثة بالمرويّ عنه و .... وغير ذلك من المميّزات. وقد صنّفوا في تمييز المشتركات كتباً ورسائل ، وأتعبوا أنفسهم في ذلك جزاهم الله تعالى عنّا خيراً ، ولعلّنا نتوفّق للكلام في ذلك.
ثمّ إن تميّز بشيء ممّا ذكر أو كان جميع أطراف الشبهة ثقات فلا كلام ،
__________________
(١) مقباس الهداية ١ / ١٨٥ ـ ١٨٦.
(٢) مقباس الهداية ١ / ١٨٧.