جهات من الإجمال ، توجب مزيد التطويل والإشكال ، وربّما يستشكل الشارح على ما يشرحه في الصحّة ، فيشتغل بردّ ما ادّعاه صاحب المتن بالنقض والإبرام وتعاكس الاستدلال ، بل ربّما يشتغل في إبطال دليل الماتن مع توافقه في المدّعى ، فيحتاج هذا الشرح إلى الشرح ، وهكذا هلمّ جرّا ، فيحتاج كتاب واحد إلى شروح عديدة وإلى شرح الشرح ، وشرح شرح الشرح.
والعجب أنّهم قالوا في آداب المتعلّمين : عليكم بالمتون لا بالحواشي ويرون ويعلمون أنّ العبارات القاصرة تحتاج إلى بيان من القائل ، أو بيان من تحمّله عنه بحيث يرفع عنها الحاجب والحائل ، ويكشف عن مرامه بالكشف القطعي الكامل.
فحينئذ أقول لهذا المصنّف : إن لم تكن عارفاً بكيفيّة التعبير فلا يلزمك كتابة ما فيه القصور المثبت عليك ما تقصر ، وإن كان عارفاً بالكيفية ، فلماذا عدل منه إلى الإلغاز والإجمال حتّى يحتاج إلى الشارح في حلّ العقال ، وكأنّهم متعمّدين إلى ذلك زعماً منهم أنّ ذلك هو الجالب للشهرة وتعقّب الإجلال ، ولا يبالون بإيجابه الحيرة والضلال وتضييع عمر الطلبة فيما يزعمه الكمال ، ويوجب له الكبرياء وسوء الأخلاق والأحوال ويرى نفسه واجب الإطاعة بمعرفة كتاب حصلت له الإشاعة ، مع كونه موجباً للفضاحة والإضاعة.
والعجب أنّ التسهيل في التعليم ـ مع أنّه واجب(١) لسرعة النيل بالمقصود ــ نفعه عميم وعموم النفع مطلوب للعاقل الحكيم ، أَمِنَ العدل والإنصاف أن يوقع
__________________
(١) في المخطوط غير واضحة.