الجاهل بالموضوع العديم المعرفة التدخّل .
جاء دور مسألة حق تقرير المصير ، وحق الاختيار ، والجواب واضح وهو : كيف يختار الجاهل ، فالاختيار فرع معرفة الأطراف حتّى يختار أحدها ، قال عليهالسلام : «هل يعرفون قدر الإمامة ومحلَّها من الأُمّة ، فيجوز فيها اختيارهم ؟ ! إنّ الإمامة أجلّ قدراً ، وأعظم شأناً ، وأعلا مكاناً ، وأمنع جانباً ، وأبعد غوراً من أن يبلغها الناس بعقولهم ، أو ينالوها بآرائهم ، أو يقيموا إماماً باختيارهم» .
وقال أيضاً : «راموا إمامة الإمام بعقول حائرة جائرة ناقصة وآراء مضلّةٍ فلم يزدادوا منه إلاّ بُعْداً ( قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ ) (١) .
ولقد راموا صعباً ، وقالوا إفكاً ، وضلّوا ضلالاً بعيداً ، ووقعوا في الحيرة إذ تركوا الإمام عن بصيرة وزيّن لهم الشيطان أعمالهم فصدّهم عن السبيل وكانوا مستبصرين ، رغبوا عن اختيار اللّه واختيار الرسول صلىاللهعليهوآله وأهل بيته إلى اختيارهم ، والقرآن يناديهم : ( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) (٢) ، ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ) (٣) وقال :( مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ * أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ * إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ * أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ * سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَٰلِكَ زَعِيمٌ * أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ
__________________
(١) سورة التوبة ٩ : ٣٠ .
(٢) سورة القصص ٢٨ : ٦٨ .
(٣) سورة الأحزاب ٣٣ : ٣٦ .