الأمين والملاذ الحصين علي باب حكمة ربّ العالمين (١) ، وأولاده الأئمّة المعصومين ، فقد قال صلىاللهعليهوآله : «إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي» ، وقال : «ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا وأنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض» (٢) ، وهذا حديث متّفق عليه عند جميع المسلمين ، ولا خلاف فيه .
إنّما حصل الخلاف في تفسيره ، والمراد منه وإن كان واضحاً كوضوح الشمس في رابعة النهار ، لكن من في قلبه مرض يتّبع الهوى فيضلّ عن سبيل الحق . ومن هنا بدأ الحوار وتحمّل الشيعة وأئمّتهم ما تحمّلوا في سبيل إرشاد العباد إلى صواب الكلام وطريق الرشاد .
الحوار طريقة الأنبياء والصالحين ، بل طريقة ربّ العالمين فقد بدأ اللّه هذه الطريقة حين خلق آدم ، وتساؤل الملائكة عن حكمة هذا الخلق ، والاستخلاف في الأرض ، وما يمتاز هذا المخلوق عنهم وهم يسبّحون اللّه ويحمدوه ويقدّسوه ، ومثل هذا يسفك الدماء ويهتك الأعراض ؟
ثمّ جعل سبحانه هذه الطريقة هي طريقة أنبيائه في دعوتهم عباده إلى الصواب وجادة الحق ، واتّخذها من تبعهم بحقّ وإحسان .
فظاهرة الحوار هذه تجدها بين المرشد الناصح العالم بالحال ، وبين الجاهل محاولة من العالِم لإنقاذ الجاهل من جهله ، فترى الأنبياء والصالحين يبذلون قصارى جهودهم في سبيل هداية عباد اللّه وإرشادهم ، فالجهل بأمر
__________________
(١) كما في : الإقبال لابن طاوُس ٣ : ٣٤١ ، المزار للشهيد الأوّل : ١٤٣ ، بحار الأنوار ٨٩ : ٣٣٦ .
(٢) انظره في : بصائر الدرجات : ٤٣٣ ، الإمامة والتبصرة : ١٥٠ ، عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ٦٠ ، مسند أحمد ٣ : ٣٨٨/١٠٧٢٠ و٣٩٣/١٠٧٤٧ و٤٠٨/١٠٨٢٨ ، المستدرك للحاكم ٣ : ١٠٩ ، السنن الكبرى للبيهقي ٧ : ٣٠ .