النبي صلىاللهعليهوآله ، لأنه لا يجوز أن يكون عنى « بمن كنت مولاه » واحدة منهن ، لأنه لا يملك بيع المسلمين ولا عتقهم من رق العبودية ولا أعتقوه ، ويحتمل أن يكون ابن العلم ، كما قال الشاعر :
مَهلاً بني عمّنا مهلاً موالينا
ويحتمل أن يكون المولى : العاقبة ، كما قال تعالى : ﴿ مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ ﴾ (١) أي عاقبتكم ، ويحتمل أن يكون لما يلي الشيء من خلفه و قّدامه ، قال الشاعر :
فغدت كلا الفرجين تحسب أنه |
|
مولى المخافة خلفها وأمامها |
ولم يجز أيضاً شيء من هذه الأوجه ، لأنه لا يجوز أن يقال : من كنت ابن عمه فعلي ابن عمه ، لأن ذلك معروف و معلوم و تكريره على المسلمين عبث بلا فائدة ، و ليس يجوز في عاقبة أمرهم ، ولا خلف ولا قدام ، لأنه لا معنى ولا فائدة فيه .
ووجدنا اللّغة تجيز أن يقول الرجل : « فلان مولاي » إذا كان مالك طاعته ، فكان هذا هو المعنى في قول النبي صلىاللهعليهوآله ، ويؤيد ذلك مسبوقية كلام النبي صلىاللهعليهوآله بقوله : « ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم » ثم قال : « من كنت مولاه فعليّ مولاه » (٢) .
وليس كل من الاحتمالات المذكورة موجهاً في الآية كما لا يخفى على من له أدنى مسكة ، بل كيف يجوّز عاقل أن يكون الرسول الخاتم الذي كمّل الله جميع الصفات المحمودة له بحيث لا يشذ منها شيء ولا يبلغ أدنى درجة واحدة من صفاته أحد من الأولين و الآخرين ، يجمع الناس في هذا القفر
__________________
(١) الحديد ٥٧ : ١٥ .
(٢) معاني الأخبار : ٦٨ باختلاف .