آثارهم و كتبهم ، بحيث يعد ذلك من المحلات العادية بل العقلية ، فلا يبادر أحد إلى انتقادي و ملامتي في قصوري و تقصيري في مرحلة التتبّع و الإستقصاء ، و العفو منهم مأمول ، مع ابتلائي بكثرة الهموم ، و قلّة الحفظ ، و كثرة السهو .
يصدقني في ذلك القول : ما أفاده الشيخ في أول رجاله بما يفيد ذلك الاعتذار ، مع أنه من أهل القرن الرابع (١) ، و لم تكن دائرة المعارف و المؤلّفات بتلك السعة ، فكيف بهذه القرون المتتالية ، و تأليف الكتب الغير المتناهية ، التي لايعلم عدتها إلّا الله العلام الغيوب .
أما سمعت ما ذكر في مطاوي الكتب : إنّ في خزانة كتب المرتضى كانت ثمانين ألف مجلّداً ، و كتب اليافعي بلغت إلى مائة ألف و أربعين ألف مجلد ، و إنّ كتب الصاحب ابن عباد تحتاج إلى سبعمائة بعير لحملها .
و في كتاب نخب المناقب لحسين بن جبير ، أن حين تأليفه هذا الكتاب كان حاضراً عنده ألف كتاب من كتب الاُصول .
و في كتاب المناقب نقلًا عن أبي المعالي الجويني أنه يتعجب و يقول : شاهدت مجلداً ببغداد في يد صحاف ، فيه روايات غديرخم مكتوباً عليه : المجلدة الثامنة والعشرون من طرق قوله : من كنت مولاه فعلي مولاه ، و يتلوه في المجلدة التاسعة والعشرين .
و حكي عن قطب الروندي قال : سمعت بالحجاز من بعض العلماء يقول : رأيت بمصر مجموعاً من كلام علي عليهالسلام في نيف و عشرين مجلداً (٢) .
__________________
(١) لايصطلح عليه أنه من أهل القرن الرابع ، بل هو من أهل القرن الخامس باعتبار أن ولادته سنة ٣٨٥ هـ ، و وفاته سنة ٤٦٠ هـ .
(٢) الصراط المستقيم : ١ / ٢٢٢ .