كانت تأتينا كما يريده (١) اللّه جلّ جلاله في أزمان متفرّقات ، فاقتد يا ولدي محمّد وجماعة إخوتك وذرّيتك بمن سلك من آبائك سبيل الحق والصدق ، وصدق اللّه جلّ جلاله في قوله في ضمان الرزق « فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ » (٢) .
ورأيت في « كتاب إبراهيم بن محمد الأشعري » الثقة ، بإسناده عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : « قبض علي عليه السلام وعليه دين ثمان مائة ألف درهم فباع الحسن عليه السلام ضيعة له بخمس مائة ألف فقضاها عنه ، وباع ضيعة أخرى بثلاث مائة ألف درهم فقضاها عنه ، وذلك أنّه لم يكن بذّر من الخمس شيئا ، وكان تنوبه نوائب » .
ورأيت في « كتاب عبد اللّه بن بكير » بإسناده عن أبي جعفر عليه السلام : « إنّ الحسين عليه السلام قتل وعليه دين ، وأنّ عليّ بن الحسين زين العابدين عليه السلام باع ضيعة له بثلاث مائة ألف ليقضي دين الحسين عليه السلام وعدات كانت عليه » .
وقد ذكرت طرفا من يسارهم وإيثارهم صلوات اللّه عليهم في أوائل الجزء السادس من كتاب « ربيع الألباب » فانظره ، ففيه أخبار تدلّ على الصواب .
وكان وقف جدّك أمير المؤمنين عليه السلام على أولاده ـ خاصّة من فاطمة عليها السلام ـ لها عامل من ذرّيّته ، فكيف وقع للضعفاء أنّه كان فقيرا ، وأنّ الغنى لا يكون لمن جعله اللّه جلّ جلاله من خاصّته ، وهل خلق اللّه جلّ جلاله الدنيا والآخرة إلّا لأهل عنايته ؟ ! قال : وممّا أرجو به حسن توفيق اللّه جلّ جلاله لك يا ولدي محمد وعنايته بك أنّني وجدته جلّ جلاله قد ألهمك الفطام من مرضعتك من غير أن نكلّفك نحن ذلك ، أو نمنعك من دايتك (٣) ، ووجدته قد ألهمك طلب طريق الأستاذ لتعلّم الخطّ والكتابة فرجوت من رحمته ورأفته أن يكمل لك شرف الإجابة والإنابة ، فأوصيك بتعلّم الخطّ على التمام ، فإنّه معونة لك على السلوك إلى اللّه جلّ جلاله ، ودخول غاية رضاه في دار المقام ، ثمّ بتعلّم العربيّة بمقدار ما يحتاج إليه مثلك من الطالبين للمراضي الإلهيّة وإحياء السنن النبويّة ، ثمّ تتعلّم من القرآن الشريف ما تحتاج إليه لإقامة الصلوات ، وما يتعلّق بمراد اللّه جلّ جلاله من تفسير تلك الآيات بعاجل الحال ، واحفظ جميعه بعد ذلك بقلب التعظيم والإجلال .
وأريد من اللّه جلّ جلاله أن يلهمك ، ومنك أن تقبل من إلهامه ، وأن تتعلم الفقه الذي فيه
______
( ١ ) ـ في « ر » : يدبّره .
( ٢ ) ـ الذاريات ٥١ : ٢٣ .
( ٣ ) ـ الداية : الظّئر ، وهي العاطفة على غير ولدها ، المرضعة له ، انظر « لسان العرب ـ دوا ـ ١٤ : ٢٨١ » .