و الثالث: المجهول عند المحدثين، كمن لا يعرف حديثه الا من راو واحد.
ثم انهم اختلفوا في قبول رواية هؤلاء مطلقا، أو ردّها مطلقا، أو التفصيل.
اما الاول: فلم يقبله بعض من قبل مجهول العدالة، لتمحضه في الجهالة، و قد عزي هذا القول الى الحنفية - كما قاله السخاوي في فتح المغيث: ٢٩٣/١ - و ذكره ابن الصلاح في المقدمة: ٢٢٦ و قال: و من روى عنه عدلان و عيّناه فقد ارتفعت عنه هذه الجهالة، حيث قيل انهم لم يفصّلوا بين من روى عنه واحد و بين من روى عنه اكثر من واحد، بل قبلوا رواية المجهول على الاطلاق. و قال النووي في اول شرح صحيح مسلم: ٤١/١ - المطبوع هامش ارشاد الساري -:
ان كثيرا من المحققين احتجوا به، و من هذا القول ما قاله ابن خزيمة من ان جهالة العين ترتفع برواية واحد مشهور، و لذا قال تلميذه ابن حبان: العدل من لم يعرف فيه الجرح.
هذا و قد حكي عن ابن السبكي حكاية الاجماع على الرّد. و قال ابن المواق: لا خلاف اعلمه بين أئمة الحديث في ردّ المجهول الذي لم يرو عنه الا واحد. و انّما يحكى الخلاف عن الحنفية.
اما الثاني - اعني معلوم العين - فحكمه الرّد و عدم القبول لدى الجمهور، كما قاله ابن الصلاح في مقدمته: ٢٢٥ حيث قال: المجهول العدالة من حيث الظاهر و الباطن جميعا، و روايته غير مقبولة عند الجماهير.
و قال الخطيب: لا يثبت للراوي حكم العدالة برواية الاثنين عنه.
اما الثالث: - اي مجهول العدالة - فقد ذهب الى حجية هذا من لم يحتج في الحكم بالاقسام السابقة، و استدل له بان الاخبار مبنية على حسن الظن بالراوي. و أيضا: تعسر الخبرة الباطنية على الناقد، بل نسب هذا القول الى كثير من المحققين كما قاله النووي في مقدمة شرح مسلم: ٤١/١ من ارشاد الساري - هامش -، و حكاه السخاوي في فتحه: ٣٠٠/١.