يا فاسق! أبشر بالنار!
حيث إنّ بعض من لا درية له زعم رجوع ضمير الفاعل في قوله : (أفعلتها) إلى إسماعيل ، وليس على ما زعم ، بل الضمير يرجع إلى (أبي جعفر المنصور) من باب إيّاك أعني واسمعي يا جارة. وخطاب البريء بما صدر من غيره من الجرم لأدنى ملابسة ـ تقية من المجرم ـ باب واسع متعارف (١).
وأمّا حديث البداء (٢) الذي سمعته من الصالح ، فلا أستبعد كونه من الأخبار الموضوعة من وجوه :
أحدها : صراحة ما رواه الكشّي (٣) في ترجمة الفيض بن المختار ، من الخبر
__________________
(١) أقول : من غريب القول بأنّ الضمير في (فعلتها) يرجع إلى إسماعيل ، مع أنّه من الواضح أنّ إسماعيل لم يفعل شيئا ، وإنّما الفعل كان من المنصور في اعتقال بسّام وإسماعيل وقتله لبسّام ، وإطلاق سراح إسماعيل ، ولم أهتد إلى احتمال وجه إرجاع الضمير إلى إسماعيل. وليس من خطاب البريء بما صدر من غيره ، فالإمام عليه السلام لم يخاطب أحدا من الحاضرين ، وليس من باب التقية بل هو حديث النفس ، وحديث النفس كهذا كثير متعارف بين جميع الطبقات في جميع الأعصار.
(٢) أقول : القول بالبداء بمعنى ظهور ما خفي هو من الكفر الصريح لاستلزامه الجهل عليه تعالى شأنه العزيز ، بل البداء الذي ورد في لسان بعض أخبار أهل البيت عليهم السلام هو إظهار ما خفي على العباد ، وهو أمر صحيح قام الدليل عليه والوقائع التاريخية شاهد صدق على صحّة ذلك ، قال ابن بابويه في إكمال الدين ٧٠/١ : وإنّما البداء الذي ينسب إلى الإماميّة القول به ، هو ظهور أمره. يقول العرب : بدا لي شخص ، أي ظهر لي ، لا بدا ندامة ، تعالى اللّه عن ذلك علوا كبيرا.
(٣) الكشّي في رجاله : ٣٥٤ حديث ٦٦٣ ، وفيه : عن الفيض قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : جعلت فداك! ما تقول في الأرض أتقبّلها من السلطان ثمّ أواجرها آخرين على أن ما أخرج اللّه منها من شيء كان ذلك النصف أو الثلث أو أقل من ذلك أو أكثر؟ قال : «لا بأس به» ، فقال له إسماعيل ابنه : يا أبه! لم تحفظ! قال : فقال : «يا بنيّ! أو ليس كذلك أعامل أكرتي؟! إنّ كثيرا ما أقول لك ألزمني فلا تفعل» ، فقام إسماعيل