الطويل المتضمّن لتصريح الصادق عليه السلام في حياة إسماعيل ، بكون موسى هو الإمام بعده ، فإنّ البداء إنما كان يتصور إن كان احتمال إمامة إسماعيل بعد أبيه قائما في حياة إسماعيل ، وتعيينه عليه السلام موسى عليه السلام في حياة إسماعيل ينفي الاحتمال إلاّ أن يريد بالبداء تكذيبه تعالى ظنّ من ظنّ أنّ إسماعيل هو الإمام بعده عليه السلام.
__________________
فخرج ، فقلت : جعلت فداك! وما على إسماعيل ألاّ يلزمك إذا كنت أفضيت إليه أشياء من بعدك كما أفضيت إليك بعد أبيك ، قال : فقال : «يا فيض! إنّ إسماعيل ليس كأنا من أبي» ، قلت : جعلت فداك! فقد كنّا لا نشكّ أنّ الرحال ستحطّ إليه من بعدك ، وقد قلت فيه ما قلت ، فإن كان ما نخاف وأسأل اللّه العافية فإلى من؟ قال : «فأمسك عني» ، فقبّلت ركبته وقلت : «ارحم سيدي فإنّما هي النار ، وإنّي واللّه لو طمعت أنّي أموت قبلك ما باليت ، ولكنّي أخاف البقاء بعدك» ، فقال لي : «مكانك» .. إلى أن قال : ثمّ صاح : «يا فيض! أدخل» فدخلت فإذا هو في المسجد قد صلّى فيه ، وانحرف عن القبلة فجلست بين يديه ودخل إليه أبو الحسن عليه السلام وهو يومئذ خماسي .. إلى أن قال : فقال أبو عبد اللّه عليه السلام : «يا فيض! إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله افضيت إليه صحف إبراهيم وموسى عليهما السلام فائتمن عليها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله عليا عليه السلام» .. إلى أن قال : «وكانت عندي ولقد ائتمنت عليها ابني هذا» .. إلى أن قال : قال : «هو صاحبك الذي سألت عنه ، فأقرّ له بحقّه» ، فقمت حتى قبّلت رأسه ، ودعوت اللّه له ..
أقول : يتلخّص من الحديث أنّ تعيين الإمام الصادق عليه السلام ابنه موسى عليه السلام للإمامة وخلافة اللّه في الأرض كان في حياة إسماعيل ، وهذا ممّا لا نقاش فيه ، وأزيد هنا أنّ نصب أحد الأئمة عليهم السلام للإمامة ليس من الأئمّة ، أو من النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، بل على ما نعتقده ، ومن ضروريات مذهبنا هو أنّه كما أنّ النبوّة مقام يعيّنه اللّه تعالى ويختاره لعبد من عباده فكذلك الإمامة ، وروايات أهل البيت عليهم السلام متواترة عن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وعن بعضهم البعض عليهم السلام في تعيين أسماء الأئمّة وعددهم والتعريف بهم قبل ولادتهم وبعدها من طرق الفريقين ، وعلى هذا لا نحتاج في نفي الإمامة عن إسماعيل إلى هذه الرواية أو إلى نظائرها ، فتفطّن.