هو الابقاء بلحاظ حيثية صدوره من المكلف، لا البقاء الذي هو من حيثيات الحكم وشؤونه .
وسيجيء ان شاء الله تعالى بيان احتمال آخر في الحكم بالبقاء بحيث لا يناسب إلا عنوان البقاء دون الابقاء.
ثم إن المراد من إبقاء ما كان - سواء كان ما هو منسوب إلى المكلف أو إلى غيره فيه المحذور من وجهين :
أحدهما - عدم الجهة الجامعة للاستصحاب، بحسب المباني الثلاثة : من الاخبار وبناء العقلاء، وحكم العقل، وذلك لأن المراد:
إن كان إبقاء المكلف عملاً - فهو، وإن صح جعله مورداً لالزام الشارع، أولبناء العقلاء فرجع البحث إلى أن الابقاء العملي هل مما ألزم به الشارع أو مما بنى عليه العقلاء أم لا ؟
إلا أنه ليس بهذا المعنى مورداً لحكم العقل، لأن الاذعان العقلي الظني إنما هو ببقاء الحكم، لا بابقاء الحكم عملاً من المكلف، وليس للعقل إلزام انشائي وشبهه حتى يصح إرادة موردية الابقاء العملي للحكم العقلي.
وإن كان المراد الابقاء الغير المنسوب إلى المكلف، فمن الواضح أنه لاجهة جامعة بين الالزام الشرعي الذي هو مصداق الابقاء أو متعلق بالابقاء، والبناء العقلائي، والادراك العقلي.
ومع فرض الجامع بين الالزام الشرعي والاذعان العقلي ـ نظراً إلى التعبير عن الاذعان العقلي بالحكم العقلي - فلا جامع بينهما وبين البناء العملي من العقلاء، إذ لا إلزام من العقلاء ولا إذعان منهم .
وتصحيحه بارادة الالزام الشرعي ابتداء أو امضاء، لما بنى عليه العقلاء ـ كما عليه شيخنا الاستاذ قدس سره في تعليقته ٢ - لا يجدي ؛ إذ البحث في الاستصحاب من باب بناء العقلاء راجع إلى البحث عن ثبوت البناء وعدمه، لا عن حجيته شرعاً بعد ثبوته .
فان بناء العقلاء إذا ثبت بشرائطه كان ممضى شرعاً كسائر الموارد .
مضافاً إلى ما ذكرنا في غير مقام : أنه لا إلزام من العقلاء باتباع الظاهر، أو الجري على
(۱) في ما افاده «قده» في هذه التعليقة عند قوله : ويمكن أن يراد من الحكم ... الخ.
(۲) ص ۱۷۱ ذیل قول الشيخ قده وعند الاصوليين عرف بتعاريف .