أدلة الاستصحاب : الصحيحة الأولى لزرارة
والاقتران تارة في الوجود بلحاظ متن الواقع، كما في المثال، فان الغرض أن الضرب في اليوم، مع الاكرام في الامس مما ينبغى أن لا يقعا معاً في دار الوجود، بلحاظ متن الواقع ومطلق الوجود.
وأخرى بلحاظ امتداد أحدهما إلى حال وجود الآخر، كما يقال (قعد زيد، وقد كان قائماً منذ يوم ) فان الغرض ليس هو اقتران القيام بالقعود، بل اقتران امتداده بالقعود.
وأما ما ذكروه في مقام تصحيح الاقتران في مثل قوله تعالى: (ادخلوها خالدين) من أن الحال مقدرة لا محققة، والمراد دخولهم في حال تقدير الخلود لهم، لا في حال الخلود - فمردود بأن الخلود لا يكون للدخول بمعنى حدوث الكون في الجنة .
وأما أصل الكون، فيوصف بالدوام والاستمرار، فالمعنى: كونوا فيها دائمين مستمرين، لا أن المعنى : ادخلوها مقدراً لكم الخلود.
كما أن الحال المحكية التي زادها على (المقارنة) و (المقدرة) بعض النحويين ممثلاً لها بقولهم : (جاء زيد بالأمس راكباً) - ساقطة جداً ؛ المقارنة الركوب مع المجيء في الزمان الماضي وفي مثل (جاء زيد اليوم وهو راكب بالأمس) حيث كان زمان الحال ماضياً لزمان العامل ، فلا يراد منه مقارنة المجيء مع الحكاية عن ركوبه، لأنه خلاف الظاهر جدا، بل الغرض مجرد الاقتران في مطلق الوجود.
إذا عرفت ذلك فاعلم : أن النوم حيث أنه له مراتب، وهو (نوم العين) و (نوم القلب والأذن) فمرتبة الأولى تجامع كونه على طهارة، كما يمكن أن يكون الاشراف على النوم مصححاً لاسناده إليه في حال الطهارة، لا أن النوم قد استعمل في الاشراف عليه، إلا أن كليهما خلاف الظاهر، إذ ظاهر السؤال عدم علم السائل بأن هذه المرتبة غير ناقضة للوضوء، حتى تكون الحالية بلحاظ اجتماع هذه المرتبة من النوم مع الطهارة، فليس ذلك مناطاً لاسناد النوم مقترناً بكونه على وضوء في نظر السائل.
كما أن قوله ينام وهو على وضوء لأجل السؤال عن ناقضية النوم، لاناقضية الاشراف عليه، والروايات الدالة على استحباب النوم على الطهارة إنما تدل على استحباب حقيقة النوم على الطهارة لا الاشراف عليه.
والتحقيق: إن المقارنة الزمانية غير مقومة للحالية، وإنما يعلم الاجتماع - بحسب
(۱) الزمر: ۷۳
(۲) كما عن ابن هشام في الباب الرابع من مغني اللبيب.