ومن هذا التقبيل إطلاق الصنع على المصنوع، والخلق على المخلوق والايجاد والوجود على الموجود لاتحاد الكل ذاتا - واختلافها - اعتبارا ومن الواضح أن اليقين بالطهارة ليس في مرتبة ذات الطهارة، حتى يتصور اتحاد اليقين والمتيتن. هذا كله حال مفهوم اليقين.
وأما مصداقه الذي هو يقين بالحمل الشايع - فالكلام فيه تارة في كونه ملحوظاً بالاستقلال وملحوظاً بالتبع ، و أخرى في كونه بنفسه آلة وطريقاً ومرآة، و ثالثة في سراية الحكم المرتب عليه بما هو آلة وطريق إلى متعلقه .
أما الأول - فحيث أن حقيقة اليقين عين حضور الشيء المنفس، بحضور خاص، فهو حاضر بذاته المنفس، لا بحضور آخر يزيد على نفس ذاته، فهو خارج عن مقسم المحاظ الآلي والاستقلالي.
وأما الثاني فحيث أن حقيقة اليقين عين حضور الشيء، لاما به حضوره، وعين وصوله ، لاما به وصوله، وعين رؤية الشيء لاما به يرى ، فلا معنى لكونه بحقيقته طريقاً إلى متعلقه ومرآة له وآلة الحضوره.
وهذا مع كونه معلوماً بالوجدان مما يساعده البريمان أيضاً؛ لأن كونه آلة لا يخلو من أن يكون آلة : إما لذات متعلقه أو لوجوده الذهني أو لوجوده الخارجي .
ولا معنى لكون القطع آلة التطبيعة المهملة، والماهية من حيث هي، لأن الماهية واجدة بوجدان ما هوي لذاتها وذاتياتها، ولا يعقل آلية قطع لوجود متعلقه ذهناً، فانه عين وجوده الذهني فكيف يكون الشيء آلة لنفسه ؟ ولا يعقل أن يكون آلة لوجود متعلقه خارجاً بأن تكون حيثية تعلقه بمتعلقه حيثية آليته لوجوده الخارجي ، بل وجود كل شيء خارجاً له أسباب تناسبه هي مبادئ وجوده ، وعلل حصوله ولا ينا في أن يكون علوم بعض المبادئ العالية علة الموجودات السافلة، لأنها علوم فعلية، لا انفعالية، والكلام في الثانية .
وأما الثالث فسلمنا كون القطع بوجوده الخارجي آلة وطريقاً ومرآة لمتعلقه، إلا أنه لو فرض ترتب حكم عليه في تلك الحال لترتب على متعلقه ؛ إذ ما هو كالمعنى الحرفي لا يعقل أن يحكم به وعليه، إذ لا يعقل أن يكون طرفاً، وأما في غير تلك الحال، فلابد أن يلاحظ بالاستقلال، وفناء مفهومه فيه يوجب ترتب الحكم على المفني فيه، وهمي حقيقة اليقين، ولا يعقل أن تكون في تلك الحال حقيقة اليقين فانية في متعلقه، حتى يترتب الحكم على متعلقه ؛ إذ المفنى فيه - في حال فناء شيء فيه - لا يعقل أن يكون فانياً أيضاً