الاستصحاب
ويشهد له أيضاً ما قدمناه من المقابلة بين الناقض والمنقوض، ونقض اليقين عملاً تتحفظ به المقابلة، دون نقض المتيقن عملاً .
ويشهد له أيضاً ما قد مناه من أن وثاقة اليقين هي المقتضية المتمسك به كناية عن العمل، دون نفس المتيقن ، كما قربناه سابقاً.
ويشهد له أيضاً إن جعل الحكم المماثل، وان كان في ظرف الشك ، إلا أنه بلسان الابقاء وترك النقض.
ومن الواضح: إن استمرار اليقين إلى حصول اليقين بخلافه، أو إلى حصول الشك في نفسه أمر معقول . فصح التعبد بالحكم بلسان ابقاء اليقين وعدم حله بالشك ، بخلاف الواقع ، فانه - حدوثاً وبقاء لا يعقل أن يكون منوطاً باليقين والشك ، حتى يؤمر بابتاء الواقع ، وعدم نقضه بالشك . فتدبر جيداً.
ومنها : إن الفعل الذي جعل له حكم مماثل، هل هو مصداق ابقاء اليقين، وتركه نقض له ؟ وكذا بالاضافة الى المتيقن ؟ أو ملزوم للابقاء والنقض، بحيث إذا كان مصداقاً لعنوان الابقاء صح الأمر بالفعل حقيقة بهذا العنوان ؟
ومثله الكلام في تصديق العادل، هل هو عنوان المفعل أو لازمه ؟ فعلى المصداقية، فالعنوان والفعل عنوان وممنون، وعلى التلازم لازم وملزوم، والكناية إنما تكون على الثاني، دون الأول.
توضيحه: إن الابقاء العملي ليس إلا إظهار بقاء الوجوب أو اليقين به بالعمل ، وكذلك التصديق العملي إظهار صدق العادل بالعمل.
فان قلنا باتحاد الفعل التوليدى مع المتولد منه - كالاحراق مع الالقاء في النار صح دعوى أن عنوان إظهار الصدق وإظهار البقاء صادق على العمل. وإن قلنا بعدمه لما صح ذلك .
وقد أشرنا إلى وجهه مراراً، لأن الايجاد والوجود متحدان بالذات، مختلفان بالاعتبار، فالاظهار والظهور متحدان بالذات، مع أن ظهور البقاء وظهور الصدق غير متحد مع الفعل، بل موجودان متباينان، ويلزمه عدم اتحاد الإظهار مع الفعل، بل الفعل ما به الظهور، والاظهار لا عينها - كما لا يخفى - إلا أنك عرفت سابقاً أن قضية (لا تنقض)، إذا كانت كنائية لا موجب لجعل النقض عملياً، بل يمكن جعله حقيقياً عنواناً.
بیانه : إن الايجاب - كما عرفت له اقتضاء تشريعي المفعل، واليقين بالوجوب له