حول كنائية لا تنقض اليقين
الاخبار، واليقين السابق ليست واسطة إلا لا ثبات متعلقه عنواناً .
ومنها - إن التلازم المحقق لكنائية حرمة نقض اليقين، هل هو بين فعل صلاة الجمعة مثلاً - وابقاء وجوبها المتيقن عملاً ؟ أو بين الفعل المزبور وابقاء اليقين بوجوبها عملاً ؟
وربما أمكن توهم أن جعل الوجوب بلسان بقاء الوجوب أنسب من جعل الوجوب بلسان بقاء اليقين بالوجوب، فان الثاني يكون التلازم فيه بواسطة أن بقاء الكاشف يلازم بقاء المنكشف، دون الأول .
ويندفع بأن الملازمة ليست بين جعل الحكم المماثل، وبقاء مماثله، بل بين فعل صلاة الجمعة، وعنوان ابقاء اليتين بالذات، وبين الأمر الحقيقي والأمر التمهيدي العنواني بالتبع .
ومن الواضح أن الوجوب امتيقن ، له من الاقتضاء الفعل صلاة الجمعة مثلاً [ نحو ] ، ولنفس اليقين به نحو آخر من الاقتضاء، فان اقتضاء الايجاب للفعل اقتضاء تشريعي ، واقتضاء اليقين بالوجوب لما تعلق به اقتضاء خارجي، فالأول باعث تشريعي ، والثاني باعث تكويني.
وعليه ففعل الصلاة - بعد زوال اليقين السابق - إظهار البقاء الوجوب، حيث لا مقتضي تشريعاً له سواه، كما أنه إظهار لبقاء اليقين به، حيث لا مقتضي خارجاً غيره.
ومنه يتضح أن الفعل قابل لأن يكون إبقاء عملياً لليقين بالوجوب، ولأن يكون إبقاء عملياً الموجوب المتيقن، وبعد قبوله لكلا الأمرين، لا موجب لصرف نقض اليقين عملاً إلى نقض المتيقن عملاً. مع أنه هناك شواهد على ارادة الانتقال من حرمة نقض اليقين عملاً، لا من حرمة نقض المتيقن عملاً. فمن الشواهد - ما قد مناه أنفاً من أن الأخبار إذا كانت متكفلة المحجية - فلا محالة - إما يراد منها الوساطة في التنجز، وليس هو إلا اليقين السابق، دون الكون السابق. وإما يراد منها الوساطة في الاثيات عنواناً، وليس إلا اليقين السابق.
إذ الكون السابق ليس بقاؤه عنواناً واسطة في اثبات بقائه، وليس مفاد الأخبار إلا حرمة النقض، فلا يناسب وساطة الكون السابق عنواناً لبقائه .
وبعبارة أخرى يصح التعبد بالحكم المماثل بلسان ابقاء الواسطة في إثباته عنواناً، وهو اليقين السابق.
وأما الكون السابق، فلم يكن واسطة في اثبات نفسه حتى يصح التعبد بمماثله بلسان ابقاء الواسطة في اثباته .