وأما إجراء الاستصحاب - في الجزء الآخر بلحاظ الأثر التعليق المرتب عليه، عند انضمام مانزل منزلة اليقين بالواقع فعلاً - إليه، ففيه كلام قد تعرضنا له في مباحث القطع، فراجع .
ومنها : إن حرمة نقض اليقين في نفسها ، هل تعم الشبهة الحكمية والموضوعية ؟ أم يختص بالأولى ؟ أم يختص بالثانية بلحاظ موردها ؟
ولا يخفى عليك أن نقض اليقين، وإن كان أعم مما إذا تعلق اليقين بالحكم أو بالموضوع، والموضوع وإن كان قابلاً للتنزيل كالحكم، إلا أن نقض اليقين بالحكم اسناد له إلى ما هوله ، فان الفعل مما يكون ابقاء عملاً لليقين بوجه، وللمتيقن بوجه آخر.
وإسناد نقض اليقين إلى الموضوع اسناد إلى غير ما هو له، لأن اليقين بالموضوع، لا باعثية له بنفسه، بل بلحاظ انبعاث اليقين بحكمه منه، والموضوع المتيقن لا اقتضاء تشريعي له، بل لحكمه .
والجمع بين الاسنادين في كلام واحد، وان كان معقولاً - كما بيناه في أوائل البراءة عند التعرض الحديث الرفع لكنه مخالف للظاهر؛ إذ الظاهر من الاسناد الكلامي كونه إلى ما هو له .
وقبول الموضوع للتنزيل - بلحاظ التعبد بحكمه - لا يجدي في دفع هذا المحذور.
كما أن دعوى - إنه من قبيل الاختلاف في المحققات والمصاديق، مع وحدة المفهوم والمعنى، نظراً إلى أن المكنى عنه جعل الحكم المماثل، وإن كان بحسب المصداق تارة جعل الحكم المماثل للمتيقن، وأخرى جعل الحكم المماثل لحكم المتيقن لا تجدي أيضاً في حفظ ظهور (لا تنقض اليقين من حيث اسناد النقض إلى ما هو له، والا كان لازمه جعل الحكم المماثل الخصوص المتيقن؛ لأن ملزومه نقض اليقين بالحكم عملاً، فانه الموافق لظهور الاسناد إلى ما هوله .
كما أن جعل اللازم والملزوم خصوص جعل الحكم المماثل للحكم المتيقن ، مع تعميم اليقين بالحكم من حيث انبعاثه عن اليقين بالموضوع وعدمه لا يجدي ؛ إذ التنزيل في الحكم مع الشك في موضوعه، من دون تنزيل في موضوعه ، لا معنى له .
فالتحقيق : إن هذه المحاذير إنما ترد إذا أريد نقض اليقين، أو المتيقن عملاً من المعنى
(۱) ج ٣ التعليقة : ٢٥ : ذيل قول الماتن «قده » « وما ذكرنا في الحاشية في وجه تصحيح لحاظ واحد الخ و التعليقة : ٠٢٦
(۲) ج : التعليقة : ۱۲ ذيل قول الماتن «قده» «فان ما لم يعلم من التكليف مط الخ».