عن عبد العزيز بن مسلم : كنا في أيام على بن موسى الرضا عليهالسلام بمرو، فاجتمعنا في مسجد جامعها في يوم الجمعة في بدء مقدمنا ، فأدار الناس أمر الإمامة وذكروا كثرة اختلاف الناس فيها ، فدخلت على سيدي ومولاي الرضا عليهالسلام ، فأعلمته ما خاض الناس فيه فتبسم عليهالسلام ، ثم قال : يا عبد العزيز، جهل القوم وخدعوا عن أديانهم ، إن الله تبارك وتعالى لم يقبض نبيه حتى أكمل الدين، وأنزل عليه القرآن فيه تفصيل كل شيء، بين فيه الحلال والحرام والحدود والأحكام وجميع ما يحتاج إليه كملاً، فقال عز وجل : ( مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ) (١) ، وأنزل في حجة الوداع وفي آخر عمره صلىاللهعليهوآله ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ) (٢) ، وأمر الإمامة في تمام الدين ، ولم يمض صلىاللهعليهوآله حتى بين لأمته معالم دينهم ، وأوضح لهم سبيلهم ، وتركهم على قصد الحق ، وأقام لهم علياً علماً وإماماً ، وما ترك شيئاً تحتاج إليه الأمة إلا بينه ، فمن زعم أن الله عز وجل لم يكمل دينه ، فقد رد كتاب الله عز وجل ، ومن رد كتاب الله فهو كافر ، هل يعرفون قدر الإمامة ومحلها من الأمة ، فيجوز فيها اختيارهم ؟! إنّ الإمامة أجل قدراً وأعظم شأناً وأعلى مكاناً وأمنع جانباً وأبعد غوراً من أن يبلغها الناس بعقولهم ، أو ينالوها بآرائهم أو يقيموا إماماً باختيارهم ..
إلى أن يقول : « فقلدها عليهالسلام الي بأمر الله عز وجل على رسم ما فرضها الله عز وجل ، فصارت في ذريته الأصفياء الذين آتاهم العلم والإيمان بقوله
__________________
(١) سورة الأنعام ٦ : ٣٨ .
(٢) سورة المائدة ٣:٥.