الحسين بن علي عليهما السلام ، فقال له رجل : قتل ابن رسول اللّه .. فلم يتكلّم بشيء! ثمّ جاءه ناع آخر وأخبره بذلك فلم يقل شيئا ، فلمّا أخبره الثالث بكى ، وقال : (اَللّٰهُمَّ فٰاطِرَ السَّمٰاوٰاتِ وَالْأَرْضِ ، عٰالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهٰادَةِ ، أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبٰادِكَ فِي مٰا كٰانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) (١).
__________________
(١) سورة الزمر (٣٩) : ٤٦.
أقول : جاء في حلية الأولياء ١١١/٢ برقم ١٦٦ ، بسنده : .. قال : حدّثنا زكريا بن سلام ، عن بلال بن المنذر ، قال : قال رجل : إن لم استخرج اليوم سيئة من الربيع لأحد لم استخرجها أبدا ، قال : قلت : يا أبا يزيد! قتل ابن فاطمة عليهما السلام ، قال فاسترجع ، ثم تلا هذه الآية : (قُلِ اللّٰهُمَّ فٰاطِرَ السَّمٰاوٰاتِ وَالْأَرْضِ عٰالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهٰادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبٰادِكَ فِي مٰا كٰانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) [سورة الزمر (٣٩) : ٤٦] ، قال : قلت : ما تقول؟ قال : ما أقول! إلى اللّه إيابهم ، وعلى اللّه حسابهم. وحكاه في صفة الصفوة ٦٣/٣ برقم ٤٠٣.
وفي تفسير الكشاف ١٠٢/٤ في تفسير الآية الشريفة ، قال : وعن الربيع بن خثيم ـ وكان قليل الكلام ـ أنّه أخبر بقتل الحسين رضي اللّه عنه [عليه الصلاة والسلام] [وسخط قاتله] ، وقالوا : الآن يتكلم ، فما زاد على أن قال : آه ، أو : قد فعلوا ، وقرأ هذه الآية : (قُلِ اللّٰهُمَّ فٰاطِرَ السَّمٰاوٰاتِ ..) وزاد في الكشاف ، أنّه روى أنّه قال على إثره : قتل من كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم يجلسه في حجره ، ويضع فاه على فيه.
وفي شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٩٣/٧ ، قال : مكث الربيع بن خثيم عشرين سنة لا يتكلم إلى أن قتل الحسين عليه السلام ، فسمعت منه كلمة واحدة ، قال لمّا بلغه ذلك : أو قد فعلوها! ثم قال : (اَللّٰهُمَّ فٰاطِرَ السَّمٰاوٰاتِ ..) الآية ، ثم عاد إلى السكوت حتى مات.
أقول : لم يذكر في هذه المصادر المشار إليها أنّه أظهر جزعا ، أو استنكارا يناسب مثل هذه المصيبة الكبرى ، وليت شعري لو كان اصيب أبوه أو ولده بمثل ما أصاب ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم لا كتفى بقول : (آه أو قد فعلوها) ، أم أنّه كان يجزع ويستنكر ، ويدعو بالويل والثبور ، ويستغيث من هول المصيبة ، بلى في مثل هذه المواقف العصيبة تظهر رواسب النفوس ، وينكشف ما هو مخزون في القلوب من الإيمان