ثمّ نقل ما سمعت نقله من حفره للقبر ، ووضع قرطاس بين يديه .. وغير ذلك من قضاياه الحاكية لزهده ومراقبته.
ثم قال : فانظر إلى ضعف إيمانه ، ونقص عقله ، لما رواه نصر بن مزاحم في كتاب صفّين (١) من تخلّفه عن أمير المؤمنين عليه السلام. وعدم خروجه معه لحرب معاوية ، قال نصر : لمّا ندب عليّ عليه السلام الناس بالكوفة إلى حرب معاوية أجاب عليّا عليه السلام جلّ الناس ، إلاّ أنّ أصحاب عبد اللّه بن مسعود أتوه ، وفيهم عبيدة السلماني وأصحابه فقالوا : إنّا نخرج معكم ، ولا ننزل عسكركم ، ونعسكر على حدة ، حتى ننظر في أمركم وأمر أهل الشام ، فمن رأيناه أراد ما لا يحلّ ، أو بدا لنا منه بغي ، كنّا عليه .. إلى أن قال :
وأتاه آخرون من أصحاب عبد اللّه بن مسعود ، منهم : الربيع بن خثيم ، وهم يومئذ أربعمائة رجل ، فقالوا : يا أمير المؤمنين! إنّا قد شككنا في هذا القتال ، على معرفتنا بفضلك ، ولا غنى بك ولا بنا ولا بالمسلمين عمّن يقاتل العدوّ من الكفّار ، فولّنا بعض الثغور نسكنه ، ثمّ نقاتل عن أهله ، فوجّه علي عليه السلام الربيع بن خثيم على ثغر الري.
ثمّ نقل ما سمعته عن روضة الصفار (٢) ، ثمّ ختم الكلام.
ولقد اغترّ بمقاله بعض أجلّة الفضلاء ، وزاد أنّ عدم حضوره حرب الحسن عليه السلام مع معاوية ، وشهادة الحسين عليه السلام مؤيّد صحّة
__________________
والولاء الصادق والحبّ الخالص للنبي وأهل بيته الطاهرين صلوات اللّه عليه وعليهم أجمعين ، فتفطن.
(١) وقعة صفّين : ١١٥ ، وحكى عبارة نصر بن مزاحم عن صفينه ابن أبي الحديد في شرح النهج ١٨٦/٣ بلفظه.
(٢) ولاحظ : كتاب صفين : ٨٠ .. وغيره.