على نفض الدّخان البخاريِّ عن قلبِه وجلب الهواءِ البارد بسهولةٍ ؛ لضعف قلبِهِ وشرايينِهِ ، فضربَهُ الله تعالى مثلاً لمن كذَّبَ بآياتِهِ ، أي إن وعَظْتَهُ فهو ضالٌّ ، وإن تركتَهُ على حالِه لَهِثَ.
( وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ ) (١) قيل : كان من جنس الكِلَاب مرَّ بهم فطردُوهُ مراراً فلم يرجع فأنطَقهُ الله تعالى فقال : لا تَخْشَوا (٢) جانبي فإنِّي أُحبُّ أحبّاءَ الله فناموا حتّى أحرِسَكُم.
وقيل : كان أسداً. وقيل : كان رجلاً طبَّاخاً لهم ؛ حكاهُ الطّبريُ (٣).
وقيل : كان أحدهم ؛ سمِّي كَلْباً لأنَّه كان قاعداً على باب الغار طَليعَةً لهم.
وقيل : هو راعٍ كان قد تبعهم على دينهم ؛ ويؤَيِّدهُ ما حكى أبو عمروٍ المطرِّز وغيرُهُ أنَّ جعفر بن محمَّدٍ الصادق عليهماالسلام قرأ : « وكَالِبُهُمُ » (٤).
( وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ ) (٥) أصحابَ تعليمٍ للجوارح ، وهو قول الجمهور ، وفائدتُهُ مع الاستغناء عنه بـ « عَلَّمْتُمْ » المبالغةُ في التَّعليم ؛ لأنَ المُكَلِّبِ وصفٌ للماهر النّحرير في التَّكْلِيبِ.
وقيل : أصحابُ تعليمٍ للكلاب ، أو أصحابُ صيدٍ بالكِلاب ، وهو قول من قال : إنَّ ما صادَهُ غير الكِلابِ (٦) ولم تدرك ذكاتُهُ لم يَجُز أكلُهُ ، وهو المنقولُ عن الباقر والصّادق عليهماالسلام (٧)
__________________
(١) الكهف : ١٨.
(٢) في « ت » و « ج » : تخمشوا.
(٣) تفسير الطّبري ١٥ : ١٤١.
(٤) انظر الأقوال في مجمع البيان ٣ : ٤٥٦ ، والتّفسير الكبير ٢١ : ١٠١ ، وتفسير القرطبي ١٠ : ٣٧٠ ـ ٣٧١.
(٥) المائدة : ٤.
(٦) في « ش » : المكلب بدل : الكلاب.
(٧) في « ت » : أو الصّادق.