الحَرْبَ بين بَكْرٍ وتَغْلِبَ. خَبْطٌ (١) لا يكاد يُقْضَ منه العَجَبُ ، وقد اشتمل على عدّة أَغلاط :
أَحدها : جعلهُ المُؤرِّج لقباً لأَبي فَيْدٍ ، وإنَّما هو اسمهُ ؛ ومن المشهور عنه أَنَّه كان يقول : اسمي وكنيتي غريبان ، اسمي مُؤَرِّجٌ والعربُ تقولُ : أَرَّجْتُ بين القوم وأرَّشْتُ إذا حَرَّشتُ ، وأَنا أَبو فَيْدٍ والفَيْدُ : وَرْدُ الزّعفران.
وثانيها : جَعْلهُ : « عمروُ بنُ الحارثِ » اسماً له ، وإنَّما هو اسم أَبيه ، وهو مُؤَرِّجُ بن عمرو بن الحارثِ بن ثَورِ بنِ حرَملَةَ بن علقَمَةَ بنِ عمرٍو بن سَدوسِ بنِ ذُهْلِ بنِ ثعلَبَةَ بنِ عِكَايةَ ، وفيه يقول محمّدُ بنُ أَبي محمَّدٍ اليزيديُّ يَمْدَحُهُ :
سأشكُرُ ما
أَولى ابنُ عمروٍ مُؤَرِّجٌ |
|
وأَمْنَحُهُ
حُسْنَ الثناءِ مع الوُدِّ (٢) |
وثالثها : قوله : « لتأْرِيجِهِ الحَرْبَ بين بَكرٍ وتَغْلبَ » وأَينَ حرب بكرٍ وتغلبَ من زمان أَبي فَيْدٍ المذكور؟! وهي في الجاهليّة ، وهذا من علماءِ الإسلام أَخَذَ العربيّةَ عن الخليلِ بن أَحمَدَ ، وسَمِعَ الحديثَ عن شعبة بن الحجَّاجِ وأَبي عمرو بن العلاءِ وغيرِهما ، ووفاتُهُ سنةَ خمسٍ وتسعينَ ومائةٍ للهجرةِ في خلافةِ الرّشيدِ ، والّذي أَرَّجَ الحربَ بين بكرٍ وتغلبَ إِنَّما هو عمرو بنُ الحارثِ بنِ ذُهْلِ بنِ شَيْبانَ (٣) ( ابن عمّ جَسَّاسِ بنِ مُرَّةَ بن ذهل بن شَيْبانَ (٤) ) (٥) فإِنَّ جَسَّاساً لمَّا طَعَنَ كُلَيْباً فقَصَمَ صُلبَهُ ، ثَنَى عليه عمرُو بنُ الحارثِ بِطعنةٍ فَقَتَلهُ ، وعمرُو بنُ الحارثِ هذا لا يُكنَّى بأَبي فيدٍ ، ولا يُلَقَّبُ بِالمؤرِّجِ ، ولا هو سَدُوسيٌّ فَيَقَعُ به اشتباهٌ. ولكنّ هذا الرّجل يخبطُ خَبْطَ عشواءَ ، ( وَاللهُ الْمُسْتَعانُ ).
والمُؤَرَّجُ ، كمُحَمَّدٍ : الأَسدُ.
ولفلانٍ أَرَجَانٌ بين القومِ ، كلَمَعانٍ : سَعْيٌ بالإغراءِ والتّحريش.
__________________
(١) في « ش » : خطاء.
(٢) تاريخ بغداد ١٣ : ٢٥٩ / ٧٢١١.
(٣) و (٤) في « ش » : سنان.
(٥) ما بين القوسين ليس في « ت ».