فهناك مسائل ذات خطر كبير نبتت في العهود الأخيرة ، ونمت وازدهرت فاحتوتها تقنينات القرن العشرين ، ولا نجد لها أثرا في التقنين الفرنسي وقد ولد في فجر القرن التاسع عشر ، ولا في تقنيننا المدني ـ أي المصري ـ الذي أخذ عنه فمبدأ التعسف في استعمال الحق ، ونظريّة الاستغلال ، ونظام المؤسسات ، وتنظيم الملكيّة في الشيوع وعقود التزام المرافق العامة ، وعقد التأمين ، وحوالة الدين ، والإعسار المدني ، كلّ هذه المسائل الخطيرة لا نعثر على نصّ واحد فيها لا في التقنين الأصل ، ولا في التقنين المقلد ، وحتّى فيما احتواه هذان التقنينان من النظريات والأحكام نرى الكثير منها ناقصا مبتورا » (١).
ثمّ يستطرد قائلا : « تقرّر تنقيح القانون الفرنسي وشكّلت لهذا الغرض في سنة ١٩٤٥ لجنة من كبار رجال القانون في فرنسا وعلى رأسهم عميد كلّيّة الحقوق بجامعة باريس الأستاذ جوليودي لامورانديير » (٢)
وقد بحث هنا بحثا مفصّلا عن العيوب الشكليّة للتقنين المدني القديم.
هذا ولم يقتصر التعديل والتصحيح على القانون الفرنسي وحده بل انظر إلى القانون إلايطالي والسويسري اللّذين تحدّث السنهوري عن تبدّلهما بتبدّلهما بتبدّل الزمان قائلا :
« المشروع الفرنسي الإيطالي أكسب التقنينات اللاتينية العتيقة جدّة لم تكن لها ، ونفخ فيها روح العصر ، وجمع بين البساطة والوضوح مع شيء كثير من الدقّة والتجديد ، على أنّ المشروع يكاد يكون محافظا إذا قيس إلى التقنينات العالمية الأخرى.
والتقنين الالماني يعدّ أضخم تقنين صدر في العصر الحديث ، وهو خلاصة النظريات العلمية الألمانية مدى قرن كامل ، ويبزّ من الناحية الفقهية أي تقنين آخر ، فقد اتّبع طريقة تعدّ من أدقّ الطرق العلمية وأقربها إلى المنطق القانوني ،
__________________
(١) الوسيط ١ : ٤.
(٢) الوسيط ١ : ٥.