المسلمين ، إلى إعادة بناء كيانهم العسكري والصناعي والعلوم الناجعة ، حتّى يستعيدوا بذلك مجدهم المندثر الّذي تألق في القرن الرابع الهجري.
ويا للأسف إنّه بدل القيام بوظائف شيخوخة الإسلام الحقيقية انصرف إلى مسائل اجتهادية ليست ناجعة في ذلك العصر ولا بعده.
ابن تيمية لم يكن سلفياً
إنّ الموالين لابن تيمية والمقتفين أثره يصفونه بالسلفية ، ويتقولون فيه بأنّه محيي مذهب السلف. هب أنّ السلفية مسلك ومذهب ، ولكن السلفي عبارة عمَّن لا يتخطّى عمّا سلكه السلف الصالح طيلة قرون سبعة ، ولكن أراءه وأفكاره على طرف النقيض من أراء السلف. إنّ المسلمين طيلة قرون كانوا يحترمون قبر النبي ويزورونه ، ولم تقع الزيارة في تلك العصور ولو مرة واحدة ذريعة إلى الشرك ، بل كان الداعي إلى زيارته في كل فترة من الفترات ، كونه نبىّ الإسلام نبىّ التوحيد ، ومكافح الشرك ومنابذه ، فيجب احترامه وتكريمه وحفظ آثاره وقبره ، وآثار أصحابه وزوجاته وأبنائه انطلاقاً من هذا المبدأ ( أي كونه نبىّ التوحيد ، مشيد بنائه الشامخ ) ولكنّا نرى أنّ ابن تيمية يخالف هذه السيرة الموروثة من الصحابة إلى زمانه ، ويحرّم شدّ الرحال إلى زيارته تمسكاً بحديث غير دال على ما يرتئيه ، كما سيوافيك.
إنّ المسلمين طيلة القرون الغابرة إلى ميلاد ابن تيمية كانوا يتبرّكون بالنبي وآثاره ، ولا يرون ذلك شركاً ولا ذريعة إليه ، حتّى أنّ الشيخين أوصيا بمواراتهما في جوار النبي ، لما استقرّ في قرارة ضميرهما بأنّ للمكان شرافة ومكانة بالغين ، وأنّ المواراة في ساحة النبي لها كرامة ، ولم ينبس أحد من الصحابة ببنت شفة بأنّ ذلك ذريعة إلى الشرك ، إلى أن ألقى الشر بجرانه إلى الأرض بميلاد ابن تيمية وآرائه الساقطة ، فجعل ينكر هذا العمل ويخالف السلف.
إنّ السلف الصالح في حياة النبي وبعده كانوا يستغيثون بالنبي لما له من كرامة عند اللّه ، لما أمرهم اللّه سبحانه بالمجيء إليه وطلب الاستغفار منه ، ولم يخطر ببال أحد أن الاستغاثة بالملخوق شرك أو ذريعة إلى الشرك ، وكان هذا