لئلا تقسو ـ بطول أجل يضربه الله ـ قلوب ،
ويستبطأ (١٥) في استعمال سيئة وفاحشة ، وموعدة عقاب ،
وليكون كل عامل على أهبة ،
ويكون من وراء أعمال الخيرات أمنية ، ومن وراء أهل الخطايا والسيئات خشية وردعة ،
وليدفع الله بعضا ببعض ،
والسنة القديمة على هذا قول رسول الله صلىاللهعليهوآله في أمر الساعة حين أنذر قومه : صبحتكم الساعة ، مستكم الساعة ، بعثت أنا والساعة كهذه من هذه (١٦).
فلولا ما أراد من المدافعة وتقريب المدة على عامل الخير والشر والثواب والعقاب ، لعلم صلىاللهعليهوآلهوسلم أن ما جرت إليه الامة الضالة دون وقوع الساعة ، وأن ما وعده الله في أهل بيته من اظهارهم على الدين كله قبل حدوثها يكون.
وعلى هذا مضت الرسل ، ودرج الأخيار ، كل يقرب القيامة ، ويدني الساعة ، ويبشر بسرعة المجازاة على العقاب والثواب.
ولو كان الخبر عن كل شيء بحقيقته مقدما ، والأجل في كل مدة مضروبا ممهدا ، لكان حق الرسالة وفرض البلاغة على عيسى عليهالسلام أن يأمر من يعلم أنه يبلغ زمن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يقتصر على ما يعهده في أيامه ، ثقة بأن شريعته تنسخ الشرايع ، وعلما بأنه خير النبيين وسيد المرسلين.
ولاقترف أهل كل فترة ذنوبا عظيمة وجرايح كثيرة ، ولكنهم كانوا على اقتراب من انتظار عقاب أو ثواب وبذلك دفع الله الناس بعضهم ببعض.
وهذه السنة في الأئمة عليهمالسلام مستعملة ، وعلى أيامهم جارية ، وفيهم قائمة.
ولو كان أمرهم مهملا عن العدد وغفلا ، لما وردت الأخبار الوافرة بأخذ الله
__________________
(١٥) فيهما : يستبطئ.
(١٦) اقتباس من البحار ج ٢ ص ٣٠١ ح ٣.