البرتقال ، وجمر المواقد الشتائية تكللها زرقة صافية ..
وحطّت القافلة رحالها ليلتقط المسافرون أنفاسهم ، وكان رغاء الجمال وصهيل الخيل يكسر صمت الغروب وسكينة الفلاة المنبسطة حتى الأفق.
كان المأمون يسعى أن يكون ودوداً وهو يتحدث الى الامام :
ـ يا أبا الحسن ألا تنشدني أحسن ما رويته في الحلم؟
وابتسم الامام وهو يقول :
إن كـان دونـي مـن بليـت بجهلـه |
|
أبيتُ لنفسـي أن أقابـل بالجهل |
وإن كـان مثلي في محلّي من النهـى |
|
هربت لحلمي كي أجلُّ عن المثلِ |
وان كنت أدنى منه في الفضل والحجى |
|
عرفت له حـق التقدّم والفضـل |
ـ أحسنت يا أبا الحسن!! .. من قائله؟
ـ بعض فتياننا.
ـ انشدني أحسن ما رويته في السكوت عن الجاهل؟
إني ليهجرني الصديق تجنّباً |
|
فأريـه أنّ لهـجرة أسـبابـا |
وأراه إن عاتبتـه أغريتـه |
|
فأرى له تـرك العتاب عـتابا |
وإذا ابـتليت بـجاهل متحلّم |
|
يجد المحال من الأمور صوابا |
أوليته مني السكوت وربمـا |
|
كان السكوت عن الجواب جوابا |