واستنجد المأمون بالامام لتهدئة الموقف ، وإعادة السيوف المجنونة الى أغمادها ..
وما حدث لا يمكن تفسيره بنحو ما! فقد ظهر الامام من شرفة القصر وجهاً لوجه أمام عشرات الغاضبين المسلحين بالسهام والسيوف والحراب ..
ظهر الامام هادئاً مطمئناً .. وكان وجهه الذي تغمره السكينة والايمان مفاجئاً تماماً في ذلك الجوّ المتفجّر ..
وشيئاً فشيئاً حفتت صيحات الجنود .. كنار تخمد تحت وابل مطر غزير .. إن تيّاراً من الصفاء والنقاوة قد وجد طريقه الى هؤلاء الذين كانوا منذ لحظات يدعون بالويل والثبور ..
ومن الواضح ان الامام قد اقتحم على قلوب الثائرين قلوبهم بتيار غامض من العاطفة ..
ورفع علي الرضا كفّه السمراء مشيراً اليهم أن انصرفوا وكانت المفاجأة انهم قد استجابوا ١٦٩ لذلك دون تردد.
هل أثار الحادث مخاوف المأمون؟ هل عزا ذلك الى قدرة الامام وتأثيره الروحي الذي لا يقاوم؟ لا أحد يدري ماذا حصل ؛ ولكن المأمون كان شغولاً بتسطير برقية عزاء رقيقة!