وأما ما وصفتم في أمر المخلوع ١ ، وما كان فيه من لبس ؛ فلعمري ما لبَّس عليه أحد غيركم ؛ إذ هونتم عليه النكث ، وزينتم له الغدر ، وقلتم له : ما عسى أن يكون من أمر أخيك ، وهو رجل مغرب ، ومعك الأموال والرجال ، نبعث إليه ، فيؤتي به ؛ فكذبتم ، ودبرتم ، ونسيم قول الله تعالى : « ومن بغى عليه لينصرنّه الله .. ».
وأما ما ذكرتم : من استبصار المأمون في البيعة لأبى الحسن الرضا عليهالسلام ؛ فما بايع له المأمون الا مستبصراً في أمره ، عالماً بأنه لم يبق أحد على ظهرها أبين فضلاً ، ولا أظهر عفة ، ولا ورع ورعاً ، ولا أزهد زهداً في الدنيا ، ولا أطلق نفساً ، ولا أرضى في الخاصة والعامة ، ولا أشد في ذلك الله منه. وإن البيعة له لموافقه رضا الرب عز وجل. ولقد جهدت وما أجد في الله لومة لائم ..
ولعمري ، لو كانت بيعتي بيعة محاباة ، لكان العباس ابني ، وسائر ولدي أحب إلى قلبي ، وأجلى في عيني ، ولكن أردت أمراً ، وأراد الله أمراً ؛ فلم يسبق أمري أمر الله ..
وأما ما ذكرتم : مما مسكم من الجفاء في ولايتي ، فلعمري ما كان ذلك الا منكم بمظافرتكم ، عليه ، على(المخلوع) ، ومما يلتكم إياه ، فلما قتلته تفرقتم عباديد ، فطوراً أتباعاً لابن أبي خالد ، وطوراً أتباعاً لأعرابي ، وطوراً أتباعاً لابن شكلة ٢ ، ثم لكل من سل سيفاً علي. ولولا
__________________
١. الخليفة الأمين.
٢. إبراهيم بن المهدي المغني والخليفة في بغداد أثناء الازمة وهو عم المأمون.