وعاشرهم ابنه عليّ. وهو أبو الحسن عليّ الهادي بن محمد الجواد ابن عليّ الرضا (١) بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن عليّ زين العابدين بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب ، رضي الله عنهم ، المعروف بالعسكريّ عند الإمامية.
كان قد سعي به عند المتوكل ، وقيل : إنّ في منزله سلاحا وكتبا وغيرها من شيعته. وأوهموه أنّه يطلب الأمر لنفسه. فوجّه إليه بعدّة من الأتراك ليلا ، فهجموا عليه في منزله على غفلة ، فوجدوه وحده في بيت مغلق ، وعليه مدرعة (٢) من شعر ، وعلى رأسه ملحفة من صوف ، وهو مستقبل القبلة ، يترنّم بآيات من القرآن في الوعد والوعيد ( ٢٤ ب ) ، ليس بينه وبين الأرض بساط إلا الرمل والحصى. فأخذ على الصورة التي وجد عليها ، وحمل إلى المتوكل في جوف الليل. فمثل بين يديه ، والمتوكل يستعمل الشراب ، وفي يده كأس. فلمّا رآه أعظمه وأجلسه إلى جانبه. وقيل له : لم يكن في منزله شيء ممّا قيل عنه ، ولا حبالة يتعلّق عليه بها. فناوله المتوكل الكأس التي كانت بيده فقال :
ـ يا أمير المؤمنين! ما خامر لحمي ودمي قط. فاعفني (٣).
فأعفاه.
وقال له : أنشدني شعرا أستحسنه.
فقال : إني لقليل الرواية للشعر.
__________________
(١) ص « الرضي ».
(٢) ص « مذرعة » خطأ.
(٣) ص « فاعفيني ».