الأوّل : ويرجع إلى ماهيّة فقه العامّة حيث قطعت الرابطة مع نصّ المعصوم بعد ارتحال النبيّ الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وطبيعي أنّ انفصال الفقه عن نصّ المعصوم يجعل الفقه يتبلور ضمن ضوابط معيّنة ، كما شهدنا هذا لدى الفقه الإمامي في عصر الغيبة الكبرى.
والثاني : استخدامهم لأدوات خاصّة بهم في عملية الاستنباط الفقهي كالقياس والاستحسان وغيرهما.
أمّا المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أنّ الأئمة عليهمالسلام وضعوا أصولاً كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها « علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع » (١).
ويعتبر هذا الأمر واضحا في الآثار الفقهية الإمامية. وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلّة في القرن الثامن الهجري ، عند ما صنّف الشهيد الأوّل قدسسره كتاب القواعد والفوائد.
وقد سبق الشهيد الأوّل في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلّي ( ٦٠١ ـ ٦٩٨ ) في تصنيف الأشباه والنظائر ، وسمّى كتابه نزهة الناظر في الجمع بين الأشباه والنظائر. هذا إذا قلنا بدخول الأشباه والنظائر في حقل القواعد الفقهية.
قال الشهيد الأوّل في إجازته لابن الخازن :
|
فممّا صنعته كتاب القواعد والفوائد مختصر يشتمل على ضوابط كلّية : أصولية وفرعية ، تستنبط منها الأحكام الشرعية ، لم يعمل الأصحاب مثله. (٢) |
ونظرا لامتياز كتاب الشهيد هذا بالتبويب المنظّم والبيان الجيد ، فقد صار محلّ اهتمام المحافل العلمية ، فتناولوه بالشرح والبيان ، حتّى وصل عدد الشروح والحواشي اثنى عشر كتابا.
__________________
(١) « مستطرفات السرائر » ج ٣ ، ص ٥٧٥ « وسائل الشيعة » ج ٢٧ ، ص ٦٢.
(٢) « بحار الأنوار » ج ٤ ، ص ١٨٧ ؛ « روضات الجنّات » ج ٧ ، ص ٨.