الشفاعة ممّا ثبت أنّه يذهب السيّئات في الدين ـ عن الصراط الذي هو أحدّ من السيف وأدقّ من الشعر على قدر أعمال العاملين ، ويدخلهم في جنّة الخلد التي دلّت على وجودها الأخبار والكتاب المبين ، أو حظائر الأعراف التي ورد أنّها مقام مؤمني الجنّ ، وأولاد الزنى من المؤمنين إلى سبعة أبطن ، وبعض المجانين.
والمراد أنّه يجب الاعتقاد بأنّ مقتضى العدل والحكمة عود الأرواح إلى الأجساد للحساب والثواب والعقاب ؛ لأنّ إيصال النعيم الأبدي إلى الروح بلا واسطة الجسم بالكمالات والنعم الباطنة ، وبواسطة الآلات بالنعم الظاهرة أكمل وأرجح من إيصال إحداهما عند عدم المانع والمفسدة ، كما أنّ الأمر كذلك في القيامة ، وترك الأرجح وترجيح المرجوح قبيح بلا شبهة. وكذا إيصال العقاب الأشدّ عند استحقاقه ، كما في يزيد ومن عيّنه يزيد ؛ لوجوب الانتقام بمقتضى العدل بنحو نار ( تَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ ) (١).
وبالجملة ، العلّة الموجبة لإعادة الأرواح هي العلّة الموجبة لإعادة الأجساد ، بل قد يقال : الأرواح والأجساد من هيولى واحدة بسيطة ، ففيها من الإدراك والشعور والإحساس والفهم وغير ذلك من الأمور الموجبة للتكليف الموجب للجزاء الموجب للإعادة مثل ما في الأرواح ، إلاّ أنّ ما في الأرواح أقوى ممّا في الأجساد ، بنسبة ما فيها من اللطافة والكثافة على حسب مراتب الوجود بحسب الضعف والقوّة ، مضافا إلى النقل القاطع كما سيأتي إلى بعض منها الإشارة ، مثل ما يفيد عود الأرواح إلى الأجساد الأصليّة أو المثاليّة بعد الموت متنعّمة في جنان الدنيا وفي وادي السلام ، أو معذّبة عند مطلع الشمس وغروبها ببرهوت في وادي حضرموت مع دخول شرر النار في قبورهم إلى نفخة الصور ، أو باقية في القبر إلى يوم النشور
__________________
(١) ق (٥٠) : ٣٠.