( وعدم انخراق الأفلاك ، وحصول الجنّة فوقها ، ودوام الحياة مع الاحتراق ، وتولّد البدن من غير التوالد ، وتناهي [ القوى ] الجسمانيّة استبعادات ).
احتجّ المنكرون للمعاد على امتناع حشر الأجساد : بأنّه لو ثبت المعاد الجسماني فإمّا أن يكون عود الروح إلى البدن في عالم العناصر وهو التناسخ ، أو في عالم الأفلاك فهو يوجب انخراق الأفلاك وهو محال. وبأنّه يلزم تولّد البدن من غير التوالد ، وذلك عند البعث ، وهو ممتنع.
وعلى امتناع وجود الجنّة : بأنّه لا يمكن حصولها في عالم العناصر ولا في عالم الأفلاك ؛ لأنّها لا يسعها ؛ لقوله تعالى : ( وَجَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ ) (١). فبالضرورة يكون فوق الأفلاك أعني خارجها ، وذلك محال ؛ لأنّ الفلك المحيط بجميع الأفلاك محدّد للجهات ، وبه ينتهي عالم الجسمانيّات.
وعلى امتناع تأبيد الثواب والعقاب : بأنّه يلزم دوام الحياة مع الاحتراق ، وعدم تناهي القوى الجسمانيّة ؛ لأنّ وصول الثواب دائما ووصول العقاب بالنسبة إلى البعض يوجب التحريكات غير المتناهية.
وأجاب المصنّف عن هذه الوجوه : بأنّها استبعادات ، ولا امتناع في شيء ممّا ذكر ؛ فإنّ الأفلاك حادثة كما ذكر ، فيكون عدمها جائزا ، وإن كان عدمها جائزا كان انخراقها أيضا جائزا ، على أنّ عود الروح إلى البدن في عالم العناصر لا يوجب التناسخ. وحصول الجنّة فوق الأفلاك جائز.
وما ذكر من حديث المحدّد فهو مسألة فلسفيّة لا نسلّمها ، ودوام [ الحياة مع دوام ] (٢) الاحتراق ممكن. والتولّد أيضا ممكن كما في حقّ آدم عليهالسلام ، والقوى الجسمانيّة قد لا تتناهى انفعالاتها وكذا فعلها [ بواسطة ] (٣).
__________________
(١) الحديد (٥٧) : ٢١.
(٢) الزيادة أثبتناها من المصدر.
(٣) الزيادة أثبتناها من المصدر.