فكذلك أمرنا نبيّنا ، فقال : هكذا أمر نبيّكم؟ قال : نعم ، فقال : لا جرم إنّما تبعه من تبعه لأفعاله الكريمة ، وأنا اشهدك أنّي على دينك ، فرجع الذمّي معه عليهالسلام فلمّا عرفه أسلم (١).
وروى العلل عن الحسن عليهالسلام قال : رأيت امّي فاطمة قامت في محرابها ليلة جمعتها ، فلم تزل راكعة ساجدة حتّى اتّضح عمود الصبح سمعتها تدعو للمؤمنين والمؤمنات وتسمّيهم وتكثر الدعاء لهم ولا تدعو لنفسها بشيء ، فقلت لها : يا امّاه لم لا تدعين لنفسك كما تدعين لغيرك؟ فقالت : يا بنيّ الجار ثمّ الدار (٢).
وفي المناقب عن الروياني : مرّ الحسن والحسين عليهماالسلام على شيخ يتوضّأ ولا يحسن فأخذا في التنازع يقول كلّ واحد منهما : أنت لا تحسن الوضوء ، فقالا : أيّها الشيخ كن حكما بيننا يتوضّأ كلّ واحد منّا فتوضّآ ثمّ قالا : أيّنا يحسن؟ قال : كلّ تحسنان ، ولكن هذا الشيخ الجاهل هو الّذي لم يكن يحسن وقد تعلّم الآن منكما (٣).
قلت : وكلّ واحد منهما عليهماالسلام قال : « أنت لا تحسن الوضوء » من باب إيّاك أعني واسمعي يا جارة.
وفيه : روى المبرّد وابن عائشة : أنّ شاميّا رأى الحسن عليهالسلام راكبا فجعل يلعن ، والحسن عليهالسلام لا يردّ ، فلمّا فرغ أقبل عليهالسلام عليه فسلّم عليه وضحك وقال : أظنّك غريبا ، ولعلّك شبّهت ، فلو استسعفتنا أسعفناك ، ولو سألتنا أعطيناك ، ولو استرشدتنا أرشدناك ، ولو استحملتنا حملناك ، وإن كنت جائعا أشبعناك ، وإن كنت عريانا كسوناك ، وإن كنت محتاجا أغنيناك ، وإن كنت طريدا آويناك ، وإن كانت لك حاجة قضيناها لك ، ولو حوّلت رحلك وكنت ضيفنا إلى وقت ارتحالك كان أعود عليك ، لأنّ لنا موضعا رحبا وجاها عريضا ومالا كثيرا. فلمّا سمع الرجل كلامه عليهالسلام قال : أشهد أنّك خليفة الله في أرضه ، الله أعلم حيث يجعل رسالته ، وكنت وأبوك أبغض خلق الله إليّ والآن أنت أحبّ خلقه إليّ ـ وحوّل رحله إليه عليهالسلام إلى أن ارتحل (٤).
وروى العيّاشي عن مسعدة ، قال : مرّ الحسين بن عليّ عليهماالسلام بمساكين قد
__________________
(١) قرب الإسناد : ١٠.
(٢) علل الشرائع : ١٨١.
(٣) المناقب ٣ : ٤٠.
(٤) المناقب ٤ : ١٩.