والاعتبار وقد سئلتُ أمّ أبي ذرّ عن عبادة أبي ذرّ فقالت : « كان نهاره أجمع يتفكر في ناحية من الناس » (١).
وينبغي معرفة أنّ النظرة العامة الى الوجود التي يرشد إليها الثقلان ـ القرآن والعترة ـ هي الأصل الذي تنبثق منه جميع نظرات الإنسان الفكرية واتّجاهاته السلوكية ، وهي الأساس في اختلاف الحضارات والثقافات.
ثانيا : النظر في سنن التاريخ : حيثُ دعتنا العقيدة إلى تأمل أحداث التاريخ بنظر ثاقب ، وفكر فاحص ، وصولاً إلى العوامل التي كانت سببا في تدهور المجتمعات ، وسقوط الحضارات ، أو نموّها ، قال تعالى : ( قد خلت من قبلكم سُنن فسيروا في الأرضِ فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين ) (٢).
وقال تعالى : ( ألمَ يروا كم أهلَكنَا مِن قَبلِهِم مِن قَرنٍ مَّكّنهُم في الأرضِ ما لم نُمكّن لَكُم وأرسلنا السَّمآء عَليهِم مِدرَارا وجعلنا الأنهر تجري من تَحتِهم فأهلكنهُم بذُنوبِهم وأنشأنا مِن بعدِهم قَرنا ءآخرينَ ) (٣).
وقال تعالى : ( ولَقد أهلَكنَا القُرونَ مِن قَبلِكُم لما ظَلمُوا وجاءَتهُم رُسُلُهم بالبيناتِ وما كانُوا ليؤمنُوا كذلِكَ نجزي القومَ المجرمينَ ) (٤).
إنّها دعوة تلح على الناس أن يحركوا عجلة عقولهم ، وينظروا في تاريخ من قبلهم ، حتى لا يكونوا كالقطيع التائه يسير بلا راع نحو المجهول ، وهي
__________________
(١) تنبيه الخواطر ، الامير ورّام بن أبي فراس ١ : ٢٥٠ باب التفكر ـ دار صعب.
(٢) آل عمران ٣ : ١٣٧.
(٣) الانعام ٦ : ٦.
(٤) يونس ١٠ : ١٣.